© Getty
خالد الخطيب|المدن
كثّف الجيش التركي من تحركاته العسكرية بين نقاط المراقبة التابعة له في مناطق سيطرة النظام في أرياف حلب وحماة وإدلب. ويبدو أن كثافة التحركات تهدف إلى تسريع عمليات إخلاء النقاط والعمل على إعادة تموضعها في مناطق سيطرة المعارضة السورية في أسرع وقت ممكن، والوجهة الأهم للنقاط المنسحبة على ما يبدو ستكون نحو مناطق جبل الزاوية الاستراتيجية جنوبي الطريق إم-4.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه عمليات إخلاء نقطة المراقبة التركية في شير مغار الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام شمال غربي حماة، كانت النقطة التركية في معر حطاط الواقعة على الطريق الدولي إم-5 جنوبي مدينة المعرة تسيّر أول الأرتال المنسحبة منها، في حين بدأت التحضيرات الفعلية للإخلاء في نقاط الشيخ عقيل وعندان شمال غربي حلب، ونقطة الراشدين في منطقة الجمعيات السكنية غربي المدينة حلب.
وتحتاج عمليات الإخلاء في كل نقطة مراقبة إلى أسبوع على الأقل لأنها تتضمن نقل كافة المعدات والأبنية والجدران المسبقة الصنع. وتسلك الشاحنات والمركبات العسكرية التركية المنسحبة طريقاً واحداً منذ بداية عمليات الإخلاء، وذلك عبر الطريق إم-5 والعبور نحو مناطق سيطرة المعارضة من معبر ترنبة العسكري غربي سراقب.
حالياً، يجري سحب النقاط البعيدة عن عقدة سراقب باعتبارها العقدة الأهم وحولها يتجمع العدد الأكبر من النقاط التركية. ووفقاً للسيناريو المفترض فإن نقاط تل الطوقان والعيس والصرمان المغير ستكون التالية في خطة الانسحاب حال الانتهاء من عمليات الإخلاء في النقاط الخمس السابق ذكرها، لتبقى أخيراً أربع نقاط تركية حول سراقب يُفترض إخلاؤها في نهاية الخطة.
وتقابل خطة الانسحاب المتسارعة للنقاط التركية عمليات إعادة انتشار وتموضع لا تقل سرعة وكثافة في مناطق سيطرة المعارضة، وتتركز عمليات الانتشار في جبل الزاوية جنوبي الطريق إم-4، لكن هذه العملية غير مناسبة بالنسبة لقوات النظام وروسيا وإيران، فالجيش التركي أقام ثلاث نقاط مُعلن عنها حتى الآن في جبل الزاوية، في دير سنبل والبارة وقوقفين، ومن المفترض أن يتوسع غرباً وصولاً إلى مناطق سهل الغاب الأعلى في ريف حماة الشمالي الغربي.
وقال الناشط محمد رشيد ل”المدن”، إن “استمرار التصعيد من جانب قوات النظام والمليشيات الموالية لها على جبل الزاوية وعموم مناطق جنوبي الطريق إم-4 دليل على انزعاجها من إنشاء المزيد من النقاط التركية في المنطقة”. وأضاف أن المنطقة تتعرض بشكل يومي لقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام، ولقصف جوي متقطع تنفذ الطائرات الروسية.
في السياق، تشهد سماء ادلب تحليقاً مكثفاً لطائرات الاستطلاع الروسية، ومنها طائرات تُستخدم في عمليات الرصد ورسم خرائط الانتشار، وتكون برفقتها عادة طائرة مقاتلة من طراز “سوخوي-34”.
وقال عبد الوكيل الشحود، وهو ناشط من جبل الزاوية، إن “الانتشار التركي في جبل الزاوية غير كافٍ حتى الآن ليكون بالإمكان القول إن المنطقة باتت مؤمنة من أي هجمات قد يشنها النظام”. وأضاف الشحود ل”المدن”، أن “المنطقة بحاجة إلى مزيد من النقاط، وبشكل خاص في المواقع الاستراتيجية كتلال سفوهن وكفرعويد والمرتفعات القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام، وهي مرتفعات استراتيجية تمكن القوة المتمركزة فيها من الاشراف على محيط واسع من الجغرافيا”.
وتتداول مواقع إعلامية موالية لمليشيا “قوات النمر” التابعة لمليشيات النظام الروسية، معلومات حول الاتفاق الأخير بين روسيا وتركيا، أنه “يتضمن إخلاء النقاط التركية في مناطق النظام، ومن ثم العمل على إخلاء المنطقة على جانبي الطريق إم-4 من الفصائل المعارضة تمهيداً لنشر نقاط روسية إلى جانب النقاط التركية والعمل في ما بعد على تشغيل الطريق بحماية الطرفين”.
ويرى الباحث في “مركز جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي أن إخلاء النقاط التركية في مناطق النظام هي محاولة لاسترضاء روسيا، مضيفاً أن القرار فعلياً اتُخذ خلال المباحثات بين الطرفين التي جرت في 23 تشرين الأول/أكتوبر، والتي ركزت على بحث ملف الانتشار العسكري.
وأضاف عاصي ل”المدن”، أن “الملفات الأساسية بين روسيا وتركيا هي 6: العملية السياسية، مكافحة الإرهاب، حركة التجارة، الانتشار العسكري، عودة النازحين وحدود المنطقة الامنة”. واعتبر أن إعادة فتح ملف الانتشار العسكري بين الجانبين لا يعني حله كلياً، وبالتالي فإن إعادة تموضع الجيش التركي جنوبي إم-4 يُغضب روسيا وهذا ما يفسر التصعيد المتواصل وقصف مواقع للفصائل المدعومة من تركيا.