تخوّف من خطوات ترامب المرتقبة (أ ف ب)
ألان سركيس-نداء الوطن
يوم قرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب التخلّص من قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي كان صاحب النفوذ الأكبر في المنطقة ظن الجميع أن مثل هكذا قرار سيشعل حرباً وأن ترامب لن يجرؤ على ذلك.
لكن في المقياس الأميركي، فإن سليماني تجاوز كل الخطوط الحمراء وبات من الواجب التخلص منه، فحصلت الضربة الأميركية في العراق ما وضع العالم أمام ساعات من الترقب والحذر والتي أفضت إلى إطلاق بعض الصواريخ الإيرانية على إحدى القواعد الأميركية في العراق.
وعندما أطلق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله معركة محور الممانعة القاضية بإخراج القوات الأميركية من المنطقة ظنّ الجميع أيضاً أن الهجمات على الجنود الأميركيين والمصالح الأميركية في الشرق ستتكثّف، لتكون النتيجة أن أحداً من محور الممانعة لم ينفذ هجوماً واحداً على جندي أميركي، وبات كلام نصرالله في هذا المجال كردّ فعل النظام السوري على الغارات الإسرائيلية وقول النظام “سنرد في الوقت المناسب”.
اليوم، وإذا لم يعد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية وفي حال فشل المسار القضائي وتثبّت فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن بالرئاسة، فان أمام ترامب مهلة 70 يوماً قبل تسليم زمام القيادة الأميركية إلى خلفه بايدن، وتعتبر آخر أيام ولاية أي رئيس أميركي تمريراً للوقت إذ إن العادة درجت على الّا يتخذ الرئيس المنتهية ولايته أي قرارات مهمة. لكن هذا الوضع لا ينطبق على ترامب الذي لا يريد الرحيل عن البيت الأبيض، وحتى لو سلّم بالأمر الواقع إلا أنّه يريد أن يلزم الإدارة الأميركية الجديدة بقرارات تحدّد سياستها الخارجية، ويتسلّح ترامب أيضاً بقبضة الجمهوريين على مجلس الشيوخ الأميركي.
وفي هذا الإطار، كان وضع واشنطن عقوبات على رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل بداية الغيث، إذ إن الإدارة الأميركية تعرف جيداً دور باسيل وحجمه في اللعبة اللبنانية، فهو صهر رئيس الجمهورية ميشال عون ومؤثر على كل قرار يتخذه العهد، ورئيس أكبر كتلة مسيحية تؤمن الغطاء لـ”حزب الله”، لذلك فإن مهلة الشهر التي حاول باسيل شراءها للإعلان عن إنفصاله عن “حزب الله” وفق ما كشفت السفيرة الأميركية دوروثي شيا كانت لشراء الوقت والرهان على أن ترامب سيرحل وستكون الإدارة الجديدة أكثر تساهلاً.
وفي السياق، فان مخاوف قوى “8 آذار” وحلفاء “حزب الله” ترتفع مما ستحمله تصرفات ترامب الجديدة قبل رحيله نهائياً، إذ إن البعض يؤكد أن السبعين يوماً المتبقية من عمر ولايته ستكون من الأقسى على حلفاء “الحزب” وربما تشمل العقوبات من هم في محور غير مناصر لـ”الحزب” لكن إدارة ترامب تعتبرهم منغمسين في الفساد ولم يستطيعوا مواجهة نفوذ “حزب الله” وتمدده في لبنان والمنطقة. وأمام الحذر من تصرفات ترامب المرتقبة، فان البعض يفهم لماذا لم يخرج “حزب الله” بموقف علني مهلل لسقوط ترامب، إذ إن سياسة الحزب الذكية لا تريد استفزازه قبل رحيله، كما أن “حزب الله” يريد ان يتأكّد من سقوطه بالضربة القانونية، في حين يعتبر أن السياسة الأميركية لا تتغير بشخص الرئيس المنتخب لذلك لا فرق جوهرياً بين ديموقراطي أو جمهوري في البيت الأبيض.
من هنا، فإن لبنان أمام أيام مصيرية قبل معرفة ماذا سيحصل في واشنطن، خصوصاً أن باب العقوبات فتح على مصراعيه ولن يرحم احداً، كذلك فان إقدام ترامب على حرب ضد إيران أو أجنحتها وارد جداً، لذلك فان الحذر والترقب سيبقيان سيدَي الموقف.