الأخبار
في مناسبة «يوم شهيد حزب الله» أكد الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، أن «المقاومة جاهزة للردّ على أي حماقة إسرائيلية». أربعة ملفات تطرّق إليه السيد نصر الله بدأها بترسيم الحدود «الذي لا يتدخل فيه حزب الله، وهو ملتزم بما تقرّره الدولة اللبنانية»، مروراً بالمناورات الإسرائيلية التي «قابلها استنفار كبير للمقاومة في لبنان وسوريا»، والانتخابات الأميركية التي «لن تغيّر شيئاً في المنطقة»، وصولاً إلى العقوبات الأميركية التي تستهدف حزب الله وحلفاءه وأصدقاءه، معتبراً أنه «لا يحق للإدارة الأميركية تصنيف الإرهاب والفساد، وأن موقف الوزير جبران باسيل شجاع»
بدأ السيد نصر الله كلمته بتوجيه العزاء الى السوريين قيادة وشعباً باستشهاد الشيخ عدنان الأفيوني مفتي دمشق وريفها. «كما أتوجه بالعزاء الى الإخوة اليمنيين قيادة وشعباً باستشهاد وزير الرياضة في الحكومة اليمنية المقاومة، والإخوة في حركة الجهاد الاسلامي بالذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد بهاء أبو العطاء، كما أعزي الشعب الفلسطيني باستشهاد الأسير كمال أبو الوعر في معتقلات العدو الاسرائيلي»، معتبراً أن «هذه الحادثة تضع جميع الأسرى في دائرة الخطر، وتحتاج الى تحرك عالمي».
وبمناسبة يوم الشهيد، أشار إلى أنه جرى اختيار هذا اليوم للاحتفال «لأنه في مثل هذا اليوم قام أمير الاستشهاديين أحمد قصير باقتحام مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور، وهي العملية الأضخم في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، أن يقوم شاب وحده بإلحاق الهزيمة بهذا العدد من ضباط وجنود العدو»، معتبراً أن «أهمية توقيت ونتائج هذه العملية هي في تلكَ المرحلةـ حيث كان هناك من يعتبر أن لبنان دخل في العصر الاسرائيلي». وتوجه بالتحايا الى كل عوائل الشهداء «الذين هم بعد الشهداء ضحّوا وأصرّوا على مواصلة الطريق وإرسالهم لبقية الأعزاء لمواصلة المسيرة».
سياسياً، افتتحَ نصر الله كلامه بالحديث عن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، لافتاً إلى أنه «نتيجة لوجود النفط بدأ الحديث بشكل حيوي حول الترسيم، والرئيس نبيه بري هو من كان يقوم بإدارة مساعي التفاوض، وكنا نحن كمقاومة قد وافقنا على ذلك لكي يتم الترسيم من أجل البدء بالتنقيب عن النفط». وأكد أن «الدولة اللبنانية هي التي ترسم الحدود، والمقاومة تلتزم بما تحدده الدولة في موضوع الترسيم، وبالتالي تساعد مع الجيش في تحرير أي أرض محتلة، وهذا هو موقفنا منذ عشرين عاماً، عشية التحرير». وقال السيد نصر الله: «منذ بدء ترسيم الحدود البحرية طرح البعض، خاصة من يدور في الفلك الخليجي الرسمي، مسألة التطبيع مع العدو، خاصة أن الترسيم جاء مع موجة التطبيع»، وتابع أن «هذه المسألة غير مطروحة، لا بالنسبة إلى الحركة ولا إلى حزب الله»، مؤكداً أن كل هذا المناخ «ينبع من غرفة سوداء واحدة ويهدف إلى رمي قنابل دخانية تهدف إلى التغطية على المطبّعين وكل ما قيل هو أكاذيب ومن مخيلات البعض، ولا يستحق أن يصدر حزب الله أي بيان للتعليق عليه». ولفت إلى «أننا في حزب الله و حركة أمل اختلفنا مع الرئيس ميشال عون حول طبيعة الوفد المفاوض»، لكن ذلك «ليس من باب التشكيك في فخامة الرئيس، بل لتأكيد نقطة حساسة ولاتخاذ موقف، والبيان الذي صدر وقتها هو الذي حمى الوفد المفاوض». وأشار الى أن «الثقة كبيرة بفخامة الرئيس في إدارة هذا الملف، وكل الدلائل تشير الى أن الوفد يعمل لتحقيق المصلحة القصوى للبنان».
وعن المناورات الإسرائيلية الأخيرة، قال إن «العدو سابقاً كانَ يعتبِر أن بإمكانه أن يرسل فرقة موسيقية لاحتلال لبنان، بينما اليوم يحسب الحسابات قبل أن يفكر في الاعتداء، وهذه نقطة قوة للبنان، وخاصة أن العدو يُصرّ على إجراء مناورات في ظل كورونا، ولو أصيب مئات الجنود بالوباء خلال هذه التمرينات». ورأى أن «العدو يعاني من خلل في الجانب النفسي لدى القوة البرية لديه، ولذلك يصرّ على إقامة المناورات لإعطاء ثقة لجنوده». وكشف أنه في بعض الأيام «كان هناك وحدات في المقاومة في حالة استنفار بنسبة 100 في المئة، ووحدات أخرى بدرجات مختلفة، من دون أن يشعر أحد بأي قلق أو خوف أو إزعاج، لكن الإسرائيلي كان يعرف ذلك ونحن يهمنا أن يعلم العدو بذلك، كي لا يرتكب أي حماقة». كما كشف أنه «في سوريا أيضاً اتُخذت كل الاحتياطات والرسائل كانت واضحة للعدو».
أما عن الانتخابات الأميركية، فعلق مؤكداً أن «ما جرى افتضاح للديموقراطية، والأمر لا يعني ترامب فقط بل الحزب الجمهوري»، مشيراً إلى أنه «أمام الانتخابات الأميركية لا ينظرّن علينا أحد بالديموقراطية الأميركية، لا داخل أميركا ولا خارجها». واعتبر أن «نتائج الانتخابات الأميركية لا تغيّر شيئاً في المنطقة، لأنهم كلّهم يتسابقون لحماية إسرائيل»، مؤكداً أن «الثابت الوحيد والأولوية المُطلقة بالنسبة إلى الأميركيين هو حماية إسرائيل والحفاظ على تفوّقها العسكري».
ورأى السيد نصر الله أن حكومة ترامب هي من أسوأ الحكومات الأميركية المتعاقبة، لأنها كانت الأكثر عنجهية وإجراماً». لكن ميزتها هي في أنها «قدّمت الوجه الحقيقي للولايات المتحدة من قتل وفساد وعنجهية وإجرام لشعوب العالم». وبينما عبّر عن فرحه بسقوط ترامب «بسبب جريمته الوقحة بحق الشهيدين القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس»، أكد أن «سياسة ترامب في الملفات المختلفة، ولا سيما في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فشلت»، مشيراً إلى أنه «مع خروج ترامب يسقط أحد الأضلع الثلاثة لصفقة القرن التي يمثلها إلى جانبه نتنياهو وابن سلمان». وأضاف أن «شعوبنا ومحور المقاومة ثبتوا وصمدوا واستطاعوا أن يمنعوا مشروع إدارة ترامب من أن يتحقق».
نصر الله: كل الدلائل تشير الى أن الوفد اللبناني المفاوض يعمل لتحقيق المصلحة القصوى للبنان
ولفت السيد نصر الله إلى أن «إقالة ترامب لوزير دفاعه ربما تكون مرتبطة بخطوات داخل أميركا أو خارجها»، لكن «يجب أن نكون كمحور مقاومة في حالة حذر شديد خلال هذين الشهرين لرد الصاع صاعين، في حال أي حماقة أميركية أو إسرائيلية».
أما في الداخل اللبناني، فأكد أن «العدو الإسرائيلي يشعر بقلق كبير ويدرك أن يده ليست مبسوطة بفضل المعادلة الذهبية جيش شعب ومقاومة». وشدد على أن «كل المؤامرات التي تستهدف المقاومة وسلاحها منذ 2005 إلى اليوم فشلت، وأنه بعد فشل محاولاتهم لإحداث فتنة، بدأ الأميركيون منذ 3 سنوات مشروعهم لتأليب بيئة المقاومة عليها». وأشار إلى أن «كل الأحداث أثبتت أن السفارة الأميركية هي التي كانت تدير وتموّل الجمعيات الأهلية غير الحكومية»، مضيفاً أنه «أمام فشل كل مساراتهم لم يتبقّ أمام الأميركيين سوى مسار العقوبات على أصدقاء وحلفاء حزب الله». واعتبر أن «الهدف من العقوبات على حزب الله هو الضغط النفسي وتحريض بيئة المقاومة وجمع المعلومات وتجنيد العملاء، وأن «وضع الوزير جبران باسيل على لائحة العقوبات هو ضمن مسار أميركي بدأ بالوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس».
بخروج ترامب يسقط أحد الأضلع الثلاثة لصفقة القرن التي يمثلها إلى جانبه نتنياهو وابن سلمان
وأشار إلى أن «البعض في الداخل اللبناني حرّض الأميركيين على فرض عقوبات على الوزير باسيل لحسابات شخصية وسياسية»، وتحدث عن الاتصالات التي حصلت بينهما، وبأن الوزير باسيل أبلغه أن الأميركيين خيّروه بين إنهاء التحالف مع حزب الله ووضعه على لائحة العقوبات. وأضاف «لقد أبلغنا الوزير باسيل أننا نتفهم أي موقف للتيار الوطني الحر نتيجة الظروف التي تفرضها العقوبات»، مؤكداً أن باسيل أبلغه تمسّكه بالتحالف. وثمّن نصر الله موقف باسيل، معتبراً أنه «موقف شجاع ويُبنى عليه في الأدبيات السياسية اللبنانية، وليس مطلوباً منه أن يمثل حزب الله ونعمل على النقاط المشتركة بيننا». كما تمنى على الجميع التضامن مع باسيل، لأن «استهدافه عام وقد يشمل الجميع»، مشيراً إلى أن «تفاهمنا مع التيار الوطني الحر صمد 14 عاماً، ولا شك في أنه يحتاج إلى مراجعة، لكن ليس في العلن، والرد على العقوبات الأميركية لا بد أن يكون بتطوير العلاقات مع التيار الوطني الحر». وسأل: «بأي حق قانوني وأخلاقي تعطي الولايات المتحدة نفسها حق تصنيف الناس والأشخاص، وهي رأس الإرهاب ورأس الفساد، والضغط الأميركي بالعقوبات هو ضغط سياسي ولا علاقة له بمزاعم الفساد». وتمنى السيد نصر الله على اللبنانيين أن يتعاطوا مع العقوبات الأميركية «كشأن سيادي وكخرق للسيادة اللبنانية». وختم كلامه بملف تأليف الحكومة، متمنياً الإسراع في التأليف.