السيّد نصر الله: ترسيم الحدود مسؤوليّة الدولة.. ولبنان في موقع قوّة
موقع العهد
أكّد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أنّ ترسيم الحدود البريّة والبحريّة ليس من عمل المقاومة بل هي مسؤوليّة الدولة وضمن آلياتها الدستوريّة.
وفي كلمةٍ لهُ في ذكرى يوم الشهيد تطرّق سماحته إلى خصوصيّة اختيار هذا اليوم ليكون يوماً لكلّ شهداء حزب الله باعتبار العمليّة العظيمة التي حصلت عندما قام أمير الإستشهاديين باقتحام مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور والتي ما زالت العمليّة الأكبر والأضخم في تاريخ الصّراع العربي “الإسرائيلي”.
السيّد نصر الله شدّد على أنّ الأمة التي تعرف قيمة شهدائها هي الأقدر على أن تكون وفية لهم، متوجّهاً بالتّحية إلى عوائل الشهداء.
ترسيم الحدود البحرية
وأشار السيد نصر الله إلى خطابه في في أيار 2000 عندما قال إنّ المقاومة لا تدخل في ترسيم حدود لا برية ولا بحرية وليس عملها أن تحدد الحدود، بل أنّ هذه مسؤولية الدولة وهي ضمن آلياتها الدستورية هي التي تقرر أين هي حدود لبنان.
وأضاف أنّه منذ عام 2000 تلتزم المقاومة بما تحدده الدولة وتعتبر أنّ من واجبها إلى جانب الجيش والشعب أن تدافع عن هذه الحدود وأن تساعد في تحرير ما تبقى من أرض أو مياه تحت الإحتلال، مشيراً إلى أنّ الدولة اللبنانية هي من قالت أنّ مزارع شبعا لبنانية وتلال كفرشوبا قرى لبنانية.
وأوضح السيد نصر الله أنّ الشّركات التي تريد أن تستثمر في الغاز في المياه اللبنانية تريد ضمانات، وهذا ما دفع الدولة اللبنانية إلى الاهتمام، ففي السّابق لم يكن هناك موضوعاً حيوياً اسمه ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
وعن مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري، أعلن السيد نصرالله تأييد المقاومة لتحديد الحدود، ولفت إلى أنّ هناك مجموعة ضوابط متفق عليها وهي مفاوضات غير مباشرة تقنية بحتة ولا تبحث سوى بترسيم الحدود.
وتابع في هذا السياق أن الرئيس بري كان يفاوض منذ عشر سنوات إلى حين الإهتمام الأميركي الخاص بالملف في الآونة الأخيرة، وحينها حضّر ما سمّي لاحقاً إطار التفاوض وانتقلت المسؤولية إلى الرئيس عون وعملياً بدأت المفاوضات.
السيد نصر الله أشار إلى الإتهامات التي طالت الثنائي حزب الله وحركة أمل بالتمهيد لمفاوضات سياسية لاحقا وبَداية تطبيع أو اتفاقات سلام، مؤكّداً أنّ هذا الكلام فارغ ينبع من غرفة سوداء وهدفه رمي قنابل دخانية للتّعمية عن الخانعين والمستسلمين والمطبّعين.
وأضاف أنّ هناك من هم أدوات للخارج لا يتصورون أن هناك قوى سياسية وطنية هي من تتّخذ القرار المناسب وفقاً للمصلحة الوطنية.
وشدّد سماحته على أنّ الموقف من “إسرائيل” واضح وعقائدي، فهذا الكيان غير شرعي، سرطاني وشيطاني، وهم مجموعة من العصابات المغتصبة لأرض فلسطين وهذا لا يتغير مع مرور الزمن.
كما أكّد على الثقة الكاملة بإدارة فخامة الرئيس عون للملف وهو الذي عُرف بصلابته وحرصه على تحصيل حقوق لبنان.
وكشف السيد نصر الله عن الإختلاف الذي وقع على تشكيل الوفد، حيث كان رأي حزب الله وحركة أمل أن تكون الوفود عسكرية، وهو أمر من باب الحرص على ألّا يصطاد أحد في الماء العكر، ثم تجاوب الرئيس عون مع فكرة أن لا يكون في الوفد سياسيين لكن بقيت فكرة المدنيين.
وشدّد على أنّ لبنان يجب أن يعرف أنّه بموقع قوة وليس بموقع ضعف ومن يريد أن يمنعنا من الإستفادة الوطنية من النفط والغاز يعرف جيداً أنّنا نستطيع أن نمنعه، والوفد اللبناني ليس بموقع تسول المساحات.
المناورة “الإسرائيلية”
وعن المناورة الإسرائيلية الأخيرة لفت السيد نصر الله إلى أنّ أحد أهدافها هي افتراض دخول قوات للمقاومة الإسلامية إلى مواقع “إسرائيلية” في الجليل وهي تهدف إلى استعادتهم للمستعمرات والمواقع والقيام برد فعل آخر في المنطقة الحدودية.
ورأى سماحة الأمين العام لحزب الله أنّه عندما ينفّذ “الإسرائيلي” مناورة طابعها دفاعي فهذا دليل أنّ المقاومة في لبنان للمرة الاولى تنقله من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع.
وأوضح أنّ إصرار العدو على المناورة يؤكّد حقيقة لطالما تحدث عنها جنرالات “إسرائيليون”، هي أنّ القوات البرية “الإسرائيلية” تعاني من أزمة حقيقية وعميقة، وأنّ هناك أزمة جهوزية وأزمة ضباط ومقاتلين على المستوى النفسي والروحي.
وفي السياق، أعلن السيد نصر الله أنّ المقاومة الإسلامية كانت قبل المناورة إلى ما بعدها في حالة استنفار، وعلم “الإسرائيلي” من خلال ذلك أنّ يدنا على الزناد وإذا فكّر بأي حماقة أو عدوان سيكون ردّنا جاهزاً وسريعاً.
الإنتخابات الأميركية
وفي هذا الملف تطرق السيد نصر الله إلى مجريات الإنتخابات وخطابات المرشحين التي قدمت صورة عن مجموعة من الحقائق والوقائع على مستوى القوى السياسية وعلى مستوى الناس.
وأوضح أنّ الإنتخابات الأميركية أظهرت أرقام مذهلة بإصابات الكورونا والإدمان على المخدرات والقتل والسرقة وحجم الفساد في إدارات الدولة الاميركية والعنصرية الشديدة التي كشفتها أحداث الأشهر القليلة الماضية.
أمّا عن الإدارة الجديدة، أكّد سماحته أنّ السياسة الأميركية في المنطقة هي سياسة “إسرائيلية” وهمها أمن وتفوق “إسرائيل”، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، وبالتالي فإنّ هذه السياسة لن تتغير.
وذكر أنّ إدارة دونالد ترامب كانت الأشد وقاحة وقبحاً وعنجهية واستعلاءً على أصدقائهم، وقدّمت الوجه الحقيقي لأميركا، وأنّ الأخير سيُغادر وهو يحمل حسرة أنّه لا يوجد مسؤول إيراني حمل الهاتف وتحدّث معه.
وأشار إلى أنّه في ظلّ حكومة أميركية عدوانية على هذا المستوى العالي من إمكانيات الذّهاب إلى الحرب، صمد محور المقاومة واستطاع أن يفشل ويمنع من تحقيق هذا المشروع، داعياً إلى الحذر والإنتباه خلال الشهرين المقبلين، والإستعداد لرد الصاع صاعين إذا ذهبت الحماقة الأميركية أو الإسرائيلية إلى هذا الإتجاه.
السياسة الأميركية في لبنان ومسار العقوبات
السيد نصر الله أكّد أنّ مشكلة أميركا هي أنّ المقاومة هي عنصر القوّة للبنان.
وأشار إلى أنّ أميركا بدأت منذ أعوام التركيز على تأليب الرأي العام اللبناني وبشكل خاص البيئة الشيعية على المقاومة، وذلك بعد أن فشلوا في حرب تموز، وحرب سوريا، وكل محاولات الحرب والفتنة الداخلية والتحريض الداخلي.
كما لفت إلى مسار آخر بتحميل حزب الله مسؤولية الفساد في البلاد، الأمر الذي لم ينجحوا به لا في البيئة الخاصة ولا العامة، وذلك تبيّن عندما صدرت الدعوات من أجل تطبيق 1559 ولم يتمّ التجاوب معها.
ورأى السيد نصر الله أنّ المسار المتبقي لدى الأميركيين هو مسار العقوبات على حلفاء حزب الله، موَضّحاً أنّ هدف العقوبات هو الضغط النفسي والتْحريض والبحث عن العملاء.
أمّا بالنّسبة للعقوبات التي فرضت على حزب الله اعتبر أنّها لا تقدّم ولا تؤخّر لأنّ حزب الله لا يملك أموالاً في الخارج.
ثم لفت إلى موقف حركة أمل وتيار المردة رداً على العقوبات الذي أفهم الأميركيين أنهم لن يصلوا إلى مكان.
وكشف السيد نصر الله أنْ الوزير جبران أبلغه بأنّ الأميركيين طالبوه بإنهاء العلاقة مع حزب الله ضمن مهلة وهدّدوه بالعقوبات، وأكّد له أنّه لن يسير في هذه الخطوة لأنّ ذلك يمس باستقلال ومصلحة لبنان.
ووصف موقف باسيل بالوطني والشّجاع، إذ عبّر عن صدقه والتزامه بالعلاقة، وثبّت صدقه ووطنيته وقال من أول الطريق أنّه حر ويعمل بمصلحة البلد وهو نهج سياسي سليم جدًا،
كما توجّه إلى الحلفاء بالقول إنّ حزب الله يتفهم أي موقف يأخذونه وفقاً لمصلحة البلد.
وفي السياق، أوضح السيد نصر الله أنّ الحكومة الأميركية تحمي وتدعم أعتى الحكومات الديكتاتورية والناهبة وتصنف العالم بين فاسد وغير فاسد، مشدداً على أنّه لا حق لأميركا بالتصنيف لأنهم رأس الإرهاب ورأس الفساد في الكرة الأرضية.
وتمنى سماحته على اللّبنانيين التعاطي مع العقوبات على أنّه موضوع سيادي وخارج المناكفات السياسية والشخصية.
وفي الختام، لفت السيد نصر الله إلى الملف الحكومي بأنّه يحتاج المزيد من التشاور بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وتمنّى الإسراع فيه.