كيف سيخرج الحريري من ″ورطات″ تأليف الحكومة؟…

 عبد الكافي الصمد-سفير الشمال

 

لم تكد تمضي 3 أسابيع على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأول الماضي، حتى وجد زعيم تيار المستقبل نفسه وسط تعقيدات عدّة أسهمت في تأخير إنجازه تأليفها، لا بل في تجميد المساعي التي بذلها وسواه في هذا الشأن، ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر، وسط تضاؤل التفاؤل باحتمال ولادة حكومته في وقت قريب.

آخر التعقيدات التي أثقلت كاهل الحريري، وجعلت كثيرين يرون أنّ تأليف الحريري حكومته قد دخل في موت سريري منذ فرض الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل في 6 تشرين الثاني الجاري، إذ انقطع التواصل منذ ذلك الحين بين الأطراف المعنية تأليف الحكومة، وبدا الكلّ وكأنه أسقط من أيديهم، وتكبّلت مساعيهم بعقدة لا يرون سبيلاً لحلّها أو تجاوزها.

قبل ذلك كانت عقد عدّة قد اعترضت طريق الحريري في العودة مجدّداً إلى السراي الحكومي للمرّة الرابعة، وجعلته عاجزاً عن معالجتها أو إيجاد حلول ومخارج لها، أو حتى القدرة على تدوير زواياها.

أولى هذه العقد كانت في إعلان حزب القوات اللبنانية، أحد أبرز حلفاء الأمس، رفضه المشاركة في الحكومة، واعتراض آخرين على تشكيل الحريري حكومة إختصاصيين، تلبية لأحد أبرز شروط المبادرة الفرنسية، بينما هو ليس منهم، بل يعدّ أحد أبرز وجوه القوى السّياسية التي أعلنت رفضها إقصاء نفسها عن السلطة، إضافة إلى العودة لمنطق المحاصصة إنطلاقاً من أمر واقع يرتكز إلى تركيبة السلطة في لبنان التي يعتبر مبدأ المحاصصة، وتقاسم كعكتها، شرطاً أساسياً من الصعب تجاوزه أو تجاهله.

وأمام الشروط والشروط المضادة، وجد الحريري نفسه يدور في دوّامة لا تنتهي ولا يجد سبيلاً للخروج منها؛ فهو إضافة إلى افتقاره أي دعم خارجي لتأليف الحكومة، من الولايات المتحدة الأميركية إلى السعودية وفرنسا تحديداً، فقد وجد نفسه أمام معضلة لم يستطع التوصل إلى حلّ لها، وهي تمثيل حزب الله في الحكومة.

فالحريري يعرف جيداً أنّه لا يستطيع تأليف الحكومة بلا مشاركة الحزب، سواء عبر محسوبين عليه أو مقربين منه يعمل على تسميتهم، كما أنّه بالمقابل لا يستطيع مواجهة ضغوط الأميركيين أو السعوديين، على وجه الخصوص، الذين يرفضون وجود حزب الله في حكومته، عدا عن أنهم يشترطون إبعاده عنها لتقديم الدعم للبنان، وهي عقدة يجعل أزمة وزارة المال وإصرار الثنائي الشيعي على الإمساك بها تكاد لا تذكر مقابل عقدة تمثيل حزب الله في الحكومة من عدمه، ويجعل الحريري يقف بين نارين.

وبعد أزمة التمثيل الدرزي في الحكومة، وكيفية توزيع الحقائب المسيحية على القوى السّياسية المشاركة فيها، كانت الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية تستفحل، إلى جانب تداعيات تفشّي فيروس كورونا السلبية على كلّ الصعد، جاءت عقوبات الإدارة الأميركية على باسيل لتزيد الطين بلّة، وتفاقم من إرباك الحريري الذي بدا في موقف لا يحسد عليه.

فإلى جانب حرج الحريري في السماح لباسيل التفاوض أو المشاركة في الحكومة، مباشرة أو عبر من يسمّيهم، بعد فرض الأميركيين العقوبات عليه، فإنّه في المقابل غير قادر على تجاوز التيّار البرتقالي ورئيسه في قول كلمته في مسألة تأليف الحكومة، لأن باسيل يرى نفسه رقماً صعباً في هذا المجال لا يمكن للحريري أو سواه تجاوزه في أمر تأليف الحكومة، كونه يملك أكبر كتلة نيابية، ويحوز على أكبر كتلة مسيحية، فضلاً عن نقطة تعتبر أساسية وهي أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لن يمنح الحريري أو غيره، توقيعه وختمه على مرسوم تأليف الحكومة لا يكون باسيل وتيّاره في صلبها، وأصحاب كلمة فصل فيها.

Exit mobile version