الوقت- حذرت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، يوم أمس الجمعة، من أن اليمن التي تتعرض لعدوان بربري منذ خمس سنوات ونيف معرضة لخطر المجاعة. وقالت المنظمتان الأمميتان في بيان مشترك: إن عدد من الدول الإفريقية والآسيوية ومن بينها اليمن ستواجه “حالة طوارئ غذائية رئيسة أو سلسلة من حالات الطوارئ” خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة. وعزت الوكالتان حالات الطوارئ هذه إلى الصراع طويل الأمد ونقص وصول المساعدات الإنسانية إلى المجتمعات المحتاجة، والظواهر المناخية المتطرفة والتداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس “كورونا”.
وأكدت تلك المنظمتان أن تلك العوامل هي التي دفعت السكان في تلك البلدان ومن بينها اليمن للغرق بشكل أكبر في مرحلة الطوارئ لانعدام الأمن الغذائي. وأكد التقرير الذي صدر يوم أمس الجمعة أن خارطة العالم تُظهر أن معدلات انعدام الأمن الغذائي الحاد بلغت ذروات جديدة على مستوى العديد من دول العالم. وقال التقرير إنه من بين هذه البلدان فنزويلا وهايتي وإثيوبيا والصومال والكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي والنيجر وسيراليون وجمهورية الكونغو الديموقراطية وموزمبيق وزيمبابوي والسودان ولبنان وسورية واليمن وأفغانستان.
وعلى صعيد متصل أكدت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي بأنهما يأملان أن يشجع هذا التقرير العمل على الفور لمنع حدوث أزمة كبرى أو سلسلة من الأزمات بعد ثلاثة إلى ستة أشهر. ويؤكد معدو التقرير أن تطور الوضع في هذه البلدان مرهون بشكل خاص بالوصول إلى المساعدات الإنسانية والتمويل المستمر للمساعدات الإنسانية. وتشكو الوكالات الدولية، النقص الحاد في تمويل العملية الإنسانية في اليمن خلال الأشهر الماضية، إضافة إلى العراقيل والقيود التي تفرضها أطراف الصراع على وصول المساعدات للمناطق الأكثر تضرراً من الصراع في البلاد.
وحول هذا السياق، كشفت الأمم المتحدة، أن اليمن تشهد أسوأ أزمة إنسانية ومجاعة في الوقت الحاضر، حيث يعتمد 14 مليوناً من السكان على المساعدات الإنسانية ويواجه باقي السكان البالغ عددهم 29 مليوناً خطراً متزايداً من انعدام الأمن الغذائي في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل جنوني وانهيار سعر العملة الوطنية. وخلال حديثها للصحفيين في العاصمة السويسرية “جنيف” يوم أمس الجمعة، قالت “كلوديا بو”، كبيرة مستشاري الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي: إن “اليمن من بين أربع مناطق نشعر بالقلق من أنها قد تواجه خطرا متزايدا بشأن الوقوع في براثن المجاعة إذا تدهور الوضع أكثر خلال الأشهر المقبلة”.
ومن جهته قال مسؤول الطوارئ في المنظمة “دومينيك بورجون”: إن “هذا التقرير هو دعوة واضحة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وخاصة لدول العدوان لرفع الحصار الجائر عن أبناء الشعب اليمني وإدخال المساعدات العاجلة لهم”، وأضاف قائلاً: “نشعر بقلق بالغ إزاء التأثير المشترك للعديد من الأزمات التي تقوض قدرة اليمنيين على إنتاج الغذاء والحصول عليه، وتجعلهم أكثر عرضة للجوع الشديد. ويتعين علينا الوصول إلى هؤلاء السكان حتى يتمكنوا من الحصول على الغذاء، وأن يملكوا الوسائل لإنتاجه وأن يحسنوا سبل عيشهم لتفادي حدوث السيناريو الأكثر تشاؤماً”.
الجدير بالذكر أنه قبل عدة أيام قالت منظمة الأمم المتحدة (الفاو) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الأغذية العالمي: إن سوء التغذية الحاد بين الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة بلغ أعلى مستوياته في جنوب البلاد خلال الفترة الماضية وأصدرت تلك المنظمات الإنسانية بياناً مشتركاً قالوا فيه: إن “النتائج التي توصلت إليها أحدث دراسة تحليلية لسوء التغذية الحاد للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تُظهر زيادة في سوء التغذية الحاد في جنوب اليمن هذا العام”. ولقد كشفت هذه الدراسة التحليلية والتي شملت 133 مديرية في المناطق الجنوبية من اليمن فقط، والتي يعيش فيها 1,4 مليون طفل ممن هم دون الخامسة، عن زيادة تصل إلى نحو 10 في المئة في حالات سوء التغذية الحاد في العام 2020. كما كشفت الدراسة أن أعلى زيادة في حالات الإصابة كانت لدى الأطفال الصغار المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم بنسبة 15,5 في المئة خلال العام 2020، الأمر الذي من شأنه أن يعرض ما لا يقل عن 98,000 طفل دون الخامسة لخطر الموت إن لم يتلقوا العلاج بصورة عاجلة لسوء التغذية الحاد الوخيم.
كما كشف الخبراء القائمون على هذه الدراسة التحليلية، أن مزيجاً خطيراً من العوامل والتي على رأسها النزاع والتدهور الاقتصادي والحصائر الجائر الذي يفرضه تحالف العدوان على معظم المدن والمناطق اليمنية، تسبب في تعقيد وضع الأطفال الأصغر عمراً في اليمن. ففي المناطق الأكثر تضرراً والمشمولة في هذه الدراسة التحليلية وهي الأجزاء المنخفضة في محافظة أبين، والأجزاء المنخفضة في محافظة لحج، والأجزاء المنخفضة في محافظة تعز، يعاني تقريباً طفلٌ واحد من كل خمسة أطفال من سوء التغذية الحاد. أما بالنسبة للأجزاء المنخفضة في محافظة الحديدة فيعاني أكثر من طفل من بين كل أربعة أطفال أو ما نسبته 27% من الاطفال في تلك المناطق من سوء التغذية الحاد.
وحول هذا السياق، أعربت “ليز غراندي”، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن بالقول: “لقد حذرنا منذ شهر يوليو من هذا العام من أن اليمن يقف على شفا أزمة أمن غذائي كارثية. وإذا لم تنته الحرب فوراً، فإننا نقترب من وضع لا رجعة فيه ونخاطر بفقدان جيل كامل من أطفال اليمن الصغار. وتؤكد البيانات التي صدرت قبل عدة أيام أن سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون الخامسة في أنحاء مختلفة من اليمن قد وصل إلى أعلى المستويات التي شهدناها منذ بدء الحرب”. وأضافت “غراندي”: “خلال العامين الماضيين، تمكنّا من التغلب على ما كان يمكن أن يكون أسوأ مجاعة في جيل كامل من خلال توفير كميات هائلة من المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً وإلى العائلات في جميع أنحاء البلاد ومن خلال العمل مع السلطات لتحقيق الاستقرار في العوامل الاقتصادية التي قادت إلى تلك الأزمة. ومن المحزن عندما يكون الناس بحاجة إلينا، نكون غير قادرين على القيام بما هو ضروري بسبب عدم توافر التمويل”.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الأممية، أنه من أجل إنقاذ الأرواح وتجنب المزيد من التدهور في الوضع، تحتاج الأمم المتحدة وشركاؤها إلى أكثر من 50 مليون دولار لتوسيع نطاق برامج التغذية بشكل عاجل بما في ذلك علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. وهناك أيضاً حاجة للتمويل من أجل توسيع نطاق برامج المياه والصرف الصحي والصحة بما في ذلك التحصين. ولا تزال اليمن تشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم. إذ يحتاج ما يقرب من 80 في المئة من السكان، أي أكثر من 24 مليون شخص إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية والحماية. وهذه الأزمة الإنسانية جاءت بسبب الحرب العبثية التي شنها تحالف العدوان السعودي مطلع عام 2015 على أبناء الشعب اليمني وحصاره البري والجوي والبحري على معظم المدن والمناطق اليمنية. ولهذا فلقد ناشدت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية بإنهاء هذه الحرب وإنهاء هذا الحصار الجائر على أبناء الشعب اليمني لكي تتمكن المنظمات الإنسانية العالمية من إنقاذ ما تبقى من أطفال اليمن وتقديم المساعدات الضرورية لهم.