الحريري يُحاذر الاشتباك مع عون… لكن الإعتذار في حساباته

كلير شكر-نداء الوطن

لا يتردد بعض المحيطين برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في الإشارة إلى أنّهم نصحوه بعدم توريط نفسه من جديد في “البازار القاتل” الذي أوقعه فيه مراراً وتكراراً رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. سبق لهم أن حذّروه من الاقتراب من هذا “المربّع الناري” وعدم إقحام نفسه في لعبة السلطة التي لن يأتيه منها إلا توريطه بمزيد من التنازلات بفعل الصراعات غير المجدية.

لكن رئيس “تيار المستقبل” اعتقد أنّ كارثية الوضع ودقته، قد يدفعان رئاسة الجمهورية إلى تحمّل مسؤولية الشراكة في التأليف من خلال تبادل التعاون والتسهيلات لانقاذ ما تبقى من عمر عهد ميشال عون. ولهذا سارع إلى رفع كل الفيتوات والمحظورات التي سبق لها أن حكمت عمليات التأليف في المراحل السابقة، ومنها مثلاً أن تكون وزارة الداخلية من حصة “تيار المستقبل”. كان أغلب الظنّ أنّ الواقع المأزوم سيقلل من حجم التعقيدات وصعوباتها، وسيسهّل امكانية خروج الحكومة إلى الضوء في أسرع وقت ممكن.

ظنّ الحريري وفق المحيطين به أنّها فرصة تستحق المحاولة من جديد على الرغم من التجارب الصعبة التي سبق ووقع فيها بسبب معضلة العلاقة مع جبران باسيل، وهي شرّ لا بدّ منه في عهد ميشال عون.

على ضفة خصومه، ثمة من يقول إنّ الرجل استعجل الاندفاعة الى السراي الحكومي لترشيح نفسه، وهي خطوة منتظرة من جانب الثنائي الشيعي منذ عام، فقط لأنّه شعر أنّ مبادرة حليفه – منافسه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي قد تجد أرضية تلاقٍ مع الخصوم في لحظات تحوّل دولية من شأنها أن تحيك تفاهمات، خشي الحريري من بقائه خارجها، فقرر المغامرة من جديد ولو أنّه مقتنع أنّ مهمته الانقاذية هي شبه مستحيلة.

حتى الآن، يشير المحيطون برئيس الحكومة المكلف إلى أنه لا يزال مقتنعاً أن فرصة التفاهم مع رئيس الجمهورية متوافرة وقابلة للحياة. يصوّبون على حقيبة الطاقة بوصفها “أم العقد”، مؤكدين أن تذليل العقبات يبدأ من خلال الاتفاق على اسم مستقل لهذه الحقيبة، لكن رئيس “التيار الوطني الحر”، وفق هؤلاء لا يزال ممانعاً لهذا الاقتراح، لأسباب تثير الحيرة والشكوك في نفوس المطلعين على موقف الحريري.

ولكن في المقابل، يحاذر رئيس “تيار المستقبل” الاشتباك المباشر مع رئيس الجمهورية، رغم انزعاجه مما آلت إليه المشاورات. وفق المطلعين، يعتمد الحريري استراتيجية مختلفة عن تلك التي ركن إليها في تجاربه السابقة، لكي لا يقع في الأخطاء ذاتها والتي سبق ووقع فيها في علاقته مع “ثنائي العهد”. يترك ممراً آمناً مع رئاسة الجمهورية كونها بالنتيجة شريكة دستورية في التأليف، لكنه يحصر كل مشاوراته مع رئيس الجمهورية دون سواه، ولو أنّ راصدي الحراك الحكومي مقتنعون أنّ باسيل هو “ثالث” الرجلين في مشاوراتهما الحكومية.

ورغم أنّ الكرة الأرضية برمتها تترقب بكثير من الحذر نتائج الانتخابات الأميركية، فإنّ المحيطين برئيس الحكومة يستبعدون أن يكون لهذا السباق القاسي تداعيات مباشرة على الحراك الحكومي. يشيرون إلى أنّ للقوى السياسية مصلحة مشتركة في وقف الانهيار المالي والاقتصادي من خلال المسارعة إلى انجاز حكومة قادرة على استكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي كونه الممر الالزامي والوحيد للجم الفوضى المالية والاقتصادية. وفق هؤلاء، فإنّ التعقيدات التي تؤجل الولادة الحكومية، هي محلية بامتياز، يمكن معالجتها بمجرد أن يتقدم الجميع خطوات الى الأمام لتسهيل المهمة.

حتى الآن، مضى أسبوعان بالتمام والكمال على تكيلف الحريري برئاسة الحكومة. المهلة لا تزال ضمن المعقول والمقبول، ولو أنّه كان يعتقد أنّه لن يواجه صعوبات كثيرة أو عصية على الحلّ السريع. ولكن هذا لا يعني أنّ الحريري مرتاح لما يواجهه من عراقيل. عينه على التأليف، لكن الاعتذار في باله وحساباته أيضاً فيما لو بلغت الأمور حائطاً مسدوداً، كما يقول المحيطون به.

Exit mobile version