وليد شقير-نداء لوطن
لم يغادر فريق الرئاسة شراهة الحصول على حصة كبيرة من التركيبة الحكومية في خلال اجتماعه مع الرئيس المكلف سعد الحريري أول من أمس، على رغم بياني التنصّل من تعطيل الحكومة اللذين صدرا عن كل من الرئيس ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل قبل ساعات من الاجتماع.
فهذا التنصل لم يكن عن طيبة خاطر ولا عن رغبة في التسهيل، بل نتيجة ضغوط داخلية وخارجية فرنسية وأوروبية، والبعض يقول أميركية، بعدما ظهر فريق عون – باسيل على أنه المعرقل الرئيس لإعلان الحكومة الذي كان يفترض أن يتم الأحد أو الإثنين الماضيين.
ما زال الفريق الرئاسي يسعى لقضم هذه الحقيبة أو تلك، وذاك الإسم أو غيره، من الموالين له في الحكومة العتيدة، غير آبه بالالتزام بقيام حكومة الاختصاصيين غير الحزبيين التي توافق عليها الجميع. والعجيب أن التسريبات كافة تتناول توزيع الحقائب وإهداء الوزارات لهذا المرشح أو ذاك، وبعضها من نسج التكهن والتمني، في وقت لا تسمح التركيبة المفترضة للحكومة المقبلة ولا الاتفاق مع الراعي الفرنسي الذي ما زال يتابع التفاصيل ومآلها، على رغم انشغاله بالوضع الأمني الداخلي والأوروبي وجائحة كورونا والتطورات في شرق البحر المتوسط… ويرصد باتصالاته وقائع العلاقات بين عون والحريري ومداولاتهما.
فيما تكثر التكهنات حول ما إذا كان الحريري سيضطر إلى القبول ببعض ما يسعى الفريق الرئاسي إلى الحصول عليه من مكاسب، سواء بدعم من “حزب الله” أو من دون دعمه لهذا الفريق، فإن أغلب الظن أنه لا يستطيع قبول العودة إلى صيغة حكومية شبيهة بتلك التي فرضها “حزب الله” وعون وباسيل على حسان دياب. والأرجح أن الحريري يدرك تماماً أن حكومة من هذا النوع سيعاملها المجتمع الدولي والدول العربية بأسوأ مما عامل حكومة دياب. هذا فضلاً عن أن كثراً ينتظرونه ليشمتوا به. وهذا ما يجعل التسريبات المنتشرة كالنار في الهشيم في الأيام الماضية خارج المعقول. تشبث الحريري بالصيغة التي وعد بها ربما كان سبباً لشح المعلومات عنها والتي يطمح لأن تكون مفاجئة للمشككين بها.
هناك من يلفت مثلاً إلى أنه يصعب إسناد حقائب خدماتية إلى من يسميهم “حزب الله” على أنهم من المحسوبين عليه أو من تسميهم حركة “أمل”، نظراً إلى ارتباطها بتلقي الأموال التي سيتم تأمينها للبنان في مواجهة مأزقه المالي، مثل وزارة المال، ولمواجهة التفشي الدراماتيكي لجائحة كورونا، مثل وزارة الصحة، ولإعادة إعمار المرفأ مثل وزارة الأشغال والنقل، أو لإعادة إعمار ما هدمه انفجار 4 آب وإيواء من فقدوا منازلهم مثل الشؤون الاجتماعية وغيرها من الوزارات المعنية. أما الطاقة فهناك إجماع دولي وعربي ومحلي على ألا تؤول إلى “التيار الوطني الحر” أو أي حليف له ورفض قاطع لأن يعود باسيل إلى التحكم بها، خشية استمرار الصفقات التي عقدها أثناء توليه شخصياً ومن ثم مستشارين له لها، سواء صفقة البواخر أو التلزيمات التي لم تؤدّ إلى أي تحسين للتغذية بالكهرباء. وهو الأمر الذي دفع المجتمع الدولي إلى اعتبار ما جرى في هذا القطاع فضيحة كبرى يتندر السفراء بوقائعها ويعرفون تفاصيلها، على اللبنانيين ألا يفاجأوا بأن روايتها منتشرة في العواصم.
هناك من يراهن على أن يبقى فريق الرئاسة وحيداً، ولا يتلقى دعم “حزب الله” لتطويع الحريري وحكومته كالعادة في الربع الساعة الأخير. والأيام المقبلة ستثبت مدى صحة ذلك.