على وقع ترقب داخلي لبناني لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لا يزال الملف الحكومي المسيطر على الساحة الداخلية، على وقع جرعات التفاؤل الكبيرة التي تسيطر في الاجواء، والمعلومات التي تتحدث عن امكانية ان يصعد الدخان الأبيض في الساعات القليلة المقبلة، وان تصدر مراسيم حكومة الرئيس سعد الحريري الرابعة من 18 وزيراً بعد إدخال تعديلات على صورة الحكومات السابقة؟
الايجابية مسيطرة
وبرزت نفحة تفاؤلية عبر معلومات تحدثت عن مجريات المشاورات لتأليف الحكومة انطلاقا من ان اللقاء الأخير بين الرئيس ميشال عون والحريري وما واكبه من اتصالات ووساطات كتلك التي يتولاها رئيس مجلس النواب نبيه بري أدت الى إعادة تحريك مسار التأليف انطلاقا من قواعد وأسس تبدو اقرب الى إعادة اطلاق المسار من اوله أي بدءا من حجم الحكومة وعدد أعضائها وموضوع المداورة وتوزيع الحقائب. وذكر ان الحريري الذي يقوم بزيارة قصر بعبدا مجددا اليوم ربما سيحمل معه مسودة أولية لتشكيلة حكومية بعدما توافق مع الرئيس عون في اللقاء الأخير بينهما على إعادة تثبيت صيغة 18 وزيرا موزعة على الطوائف وليس الأحزاب من دون ان يعني ذلك ان طريق ولادة الحكومة باتت مسهلة او سريعة. ولكن اذا سارت الأمور في مسار إيجابي اليوم فان ذلك يعني انجاز توزيع الحقائب وبدء اسقاط الأسماء عليها بما قد يستتبع فتح الاحتمال امام تأليف الحكومة في نهاية الأسبوع الحالي. كما ان الرئيس بري يقوم باتصالات للمساهمة في تذليل العقد وهو اجتمع لهذه الغاية امس بالمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم.
وأفادت مصادر مواكبة لمسار التأليف “نداء الوطن” أنّ الأمور بلغت خواتيمها على مستوى النقاش في وضع مرتكزات التشكيلة الوزارية العتيدة، مؤكدةّ حصول “اتفاق على توزيع الحقائب بين المكونات الطائفية والمذهبية، والبحث بدأ في إسقاط الأسماء على الحقائب”.
وإذ لفتت إلى أنّ “الأجواء اتسمت خلال الساعات الأخيرة بالتفاؤل والإيجابية بعدما تم تثبيت الحل الوسط لناحية اعتماد صيغة الـ18 وزيراً”، أشارت المصادر في المقابل إلى أنّ “حسم الأمور يبقى رهناً بنوعية الأسماء التي ستُطرح في التشكيلة الوزارية، فإذا لم يغلب عليها الطابع الاستفزازي يمكن لهذه التشكيلة أن تتبلور بصيغتها النهائية في خلال 48 ساعة”.
أما عن مسألة المداورة، فنقلت المصادر أنها “ستطال في الحقائب السيادية، حقيبتي الخارجية والداخلية فقط”، مع إشاراتها في الوقت عينه إلى وجود محاولات مستمرة للدفع باتجاه حل عقدة وزارة الطاقة عبر “تجاوز مبدأ المداورة كلياً وإبقاء الحقائب السيادية بحسب التوزيع الطائفي السابق، أسوةً بحقيبة المالية التي بقيت من حصة الثنائي الشيعي وحقيبة الدفاع التي ستبقى من نصيب الطائفة الأرثوذكسية”.
وفي هذا الاطار، تحدثت معلومات “اللواء” عن مفاجآت قد تحدث بين لحظة ولحظة، بعد نجاح المساعي في “زحزحة الحقائب” سواء المتعلقة بالحقائب السيادية، ما عدا المالية، ولمرة واحدة، والخدماتية الكبرى كالصحة والاشغال والشؤون الاجتماعية والتربية والطاقة، التي آلت إلى حزب الطاشناق، والتربية والتعليم العالي إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، وما تزال الاشغال العامة رهن التداول، في ضوء نقاشات حول حسابات اسنادها إلى “حزب الله” الذي أبدى مرونة قوية، بالقبول بالتخلي عن وزارة الصحة، في حين تحدثت معلومات عن تسمية أحمد حمودي لوزارة الاشغال وربيع أيوب لوزارة المهجرين.
وأشارت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة الى انه تم خلال الساعات الماضية تخطي العديد من الشروط والمطالب التعجيزية وتذليل العديد من نقاط الخلاف التي اعاقت العملية منذ البداية وتم التفاهم على شكل الحكومة على ان تكون من ١٨ وزيرا واعتماد المداورة في توزيع الحقائب الوزارية ولاتزال هناك بعض نقاط الخلاف التي ينتظر ان تسوى في اللقاء المرتقب اليوم بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف في بعبدا، بعدما ساهمت الاتصالات والمشاورات التي لم تنقطع بالامس الى الأتفاق على تسريع ولادة الحكومة، على ان تكون خلال الايام القليلة المقبلة، لان اضاعة الوقت سدى يزيد من حدة الازمة التي يواجهها لبنان ويطيل امد المعالجات والحلول المطلوبة وهذا لن يكون في مصلحة البلد. وتوقعت المصادر ان يتم خلال لقاء بعبدا تذليل ماتبقى من صعوبات وعقد والتفاهم بشكل نهائي بخصوص التشكيلة الحكومية المرتقبة.
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن الملف الحكومي يتحرك في وضع أفضل مما كان عليه قبلا إنما ثمة تفاصيل تتصل بالتوزيع النهائي لبعض الحقائب يعمل عليها ولفتت إلى أنه في تاريخ التأليف ولاسيما في المرحلة النهائية ما قبل إعلان ولادة الحكومة حصل تبديل في بعض الحقائب الخدماتية مشيرة إلى أن عقدة الصحة لم تكن عقدة أساسية لأن حزب الله أبلغ المعنيين تسهيله التأليف على أن موضوع التبديل قد ينسحب على حقائب أخرى ومع المعلومات التي تحدثت عن حكومة الـ١٨ فأن ذلك يعني دمج بعض الحقائب.
إلى ذلك افادت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لصحيفة “اللواء” أنه لا يمانع قيام حكومة اختصاصيين لا بل هو يسير بها ويحرص على أن يكون كل وزير مختص بوزارته ولهذا السبب كان يؤيد فكرة حقيبة لكل وزير كي يتمكن كل وزير من إنجاز مهمته وفق اختصاصه ومع الاعتماد الشبه نهائي لصيغة ال ١٨ وزيرا فلا مشكلة مشيرة إلى أنه إذا كانت حكومة اختصاص فالمسألة لا تلقى اعتراض رئيس الجمهورية لكن من المهم أن تتوافر في الوزراء في الحكومة الجديدة الصفات التي ينادي بها دائما ويفضلها وهي الخبرة والمعرفة والاختصاص.
في المقابل، وفيما يتوقع ان يعقد اليوم اجتماع جديد بين الرئيس عون والحريري لم تعكس بعض المواقف السياسية التي صدرت امس مناخات مريحة تشجع على ترقب اختراق سريع في مسار تأليف الحكومة العتيدة ولا سيما منها “تكتل لبنان القوي” الذي اتخذ مواقف سلبية اضافية من الحريري من دون ان يسميه. كما لوحظ ارتفاع حرارة بعض المواجهات السياسية على هامش تأليف الحكومة انعكس بدوره من خلال تحذير وجهه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الى الرئيس المكلف مما وصفه “غدر” بعض الجهات السياسية.
وفي هذا الاطار، خفّف متابعون لمسار التأليف من إيجابية المعلومات التي تحدّثت عن الإتفاق على حكومة من 18 وزيراً وأن البحث وصل الى توزيع الحقائب، خاصة وأن العدد سبق أن حُسم في مرحلة سابقة. وأكد هؤلاء أن العقدة الأبرز اليوم لا تزال عالقة عند وزارة الطاقة، التي لا يريد الوزير السابق جبران باسيل بأن تؤول إلى قوى معادية له، مبدياً رغبته باستثنائها من المداورة، أسوة بوزارة المال. في المقابل، لا يزال الحريري أسير الكثير من الوعود التي أغدقها على كثير من القوى.
عقدة وزارة الطاقة
وتعتبر وزارة الطقاة وتحدة من أبرز العقد التي تحول دوت اتمام عملية التأليف، ومن هنا أكدت مصادر سياسية شريكة في عملية التأليف لـ”الأخبار” بأن العقدة الأساسية هي “الطاقة”، لكن “لا شكّ ان هناك عقداً أخرى، منها مطالبة جنبلاط بوزيرين في الحكومة، وهذا ما لن يتوافر في حكومة من 18”. غيرَ أن المصادر تعتبر بأن “حلّ عقدة الطاقة بين باسيل والحريري من شأنه أن يذلّل باقي العقد فيما لو كانت هناك نية حقيقية للتشكيل”، مشيرة إلى أن “الحريري لا يرفض أن تكون من حصة التيار الوطني الحرّ، لكنه يفضّل تسمية وزير لا يشبه ندى البستاني وسيزار أبي خليل وريمون غجر”. ولفتت المصادر إلى طروحات عدة عرضت كمخرج لهذه العقدة، من بينها أن تُسنَد الحقيبة الى الطائفة الأرمنية، وبذلك تكون من حصة المسيحيين وفي عهدة حليف للتيار الوطني، على أن يشارك باسيل في التسمية، الا أنه لا يزال مجرد اقتراح”.
العقدة الدرزية
وفي موازاة عقدت وزارة الطاقة، فان العقدة الدرزية لا تزال مستمرة، وفهم من المصادر إن موضوع تمثيل وزير محسوب على النائب طلال أرسلان قد يعالج إذا تم الاتفاق على اسم درزي لا يلقى معارضة من أرسلان غير أن الموضوع لم يحسم بعد. وقالت مصادر حزب الديمقراطي اللبناني الذي يرأسه النائب ارسلان لـ”اللواء” أنه حين يتم ثبيت عدد الحكومة أو حجمها ب ١٨ وزيرا يصدر الموقف الرسمي عن الحزب.
وهذا يعزز التأكيد أن أي طرح يتصل بتنسيق اسم الوزير الدرزي بين النائب طلال أرسلان والنائب السابق وليد جنبلاط في حكومة من ١٨ وزير لم يتم تداوله وفي الأصل لم يطرح.
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اعلن موقفا حادا من خلال تغريدة له امس كتب فيها “من عجائب المسرح الوزاري ان الذين لم يسموا سعد الحريري باستثناء القوات اللبنانية هم اليوم الذين يتقاسمون المقاعد ويتحضرون للاستيلاء الكامل على السلطة بكل فروعها الأمنية والقضائية في مخطط الإلغاء والعزل والانتقام . لذا يا شيخ سعد ومن موقع الحرص على الطائف انتبه لغدرهم وحقدهم التاريخي”.