“ليبانون ديبايت” – ميشال نصر
مع بلوغ معركة الرئاسة الاميركية امتارها الاخيرة، قبل ان تتحدد شخصية ساكن البيت الابيض الجديد، قرر الرئيس المكلف بعدما وصلته رسالة بيان رئاسة الجمهورية، حزم اوراقه وزيارة بعبدا في سيارة مموهة لاسباب امنية، وموعد من خارج جدول لقاءات الرئيس عون، املا في ان تكتمل لديه الصورة قبل اتخاذ قراره الحازم نهاية الاسبوع، حيث تبين له ان الامور والتعقيدات لا زالت قائمة وعند الحدود التي بلغتها.
في كل الاحوال ومهما حاول البعض التذاكي وملئ الوقت الضائع بعقد مستولدة ومستنسخة من تجارب سابقة، فإن المعنيين بالتأليف مدركون منذ اليوم الاول لتكليف الشيخ نفسه مهمة “الانقاذ الانتحاري”، ان تشكيل الحكومة لن يكون قبل الثالث من تشرين الثاني كأقل تقدير، ما لم يكن اكثر، لحسابات مرتبطة باستمرارية وعمر الحكومة الموعودة، اذ ما قبل الثلاثاء لن يكون كما بعده، بالنسبة لمفاوضات التشكيل
تيار المستقبل الذي تتضارب معلومات مصادره، تتقاطع اجواءه عند نقطة ان الرئيس الحريري انكب على دراسة كل الاحتمالات قبل الاقدام على تقديم حكومة الـ 18 وزيرا التي اعدها وباتت جاهزة، في نفس الوقت الذي انتهى فيه من كتابة كلمة الاعتذار. وتجمع المصادر على ان زيارة الخميس السرية الى بعبدا دون موعد مسبق لوضع اللمسات الاخيرة على التشكيلة، انتهت الى صدمة حريرية من اجواء اللقاء التي قلبت الاوضاع وعقدت العملية، غامزة من قناة رئيس التيار الوطني الحر، الذي تحرك بإيعاز من حزب الله، عازية الامر الى التعقيدات التي استجدت على مسار المفاوضات مع اسرائيل، التي يبدو انها قاب قوسين او ادنى من الانهيار، مع اعتبار الاميركيين انهم تعرضوا لخدعة لبنانية.
وتتابع المصادر ان حارة حريك حركت “جماعتها” لعرقلة الامور، بعدما قررت قلب الطاولة، فاتحة الباب امام استيلاد العقد ونسف الاجواء الايجابية التي كانت سائدة، نافية بشكل قاطع ان يكون الحريري قد قطع الوعود لمن سمّوه، خاتمة بأن الرئيس سعد الحريري قدم تنازلاً مهما عندما رفع عدد الوزراء الى 18 كحل وسط بعدما كان يميل الى صيغة الـ 14 وزيرا.
مصادر التيار الوطني الحر اكدت ان لا تواصل مع الرئيس المكلف، محيلة كل الكلام الذي يسرب الى البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية، والذي رغم اقتضابه الا انه يحمل رسالتين اساسيتين لمن يشهر “سيف” التهديد، اولا، ان لا احد يتدخل في عملية التشكيل، اقله من جهة الرئيس عون، الا المعنيين دستورياً بها، وثانياً، قطعاً للطريق امام محاولة الحديث عن حكومة امر واقع، اذ اشار الى ان المساعي مستمرة للوصول الى حكومة تراعي المعايير الموضوعة.
وفيما بدا لافتًا وقوف رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جانب شريكه الحريري، كشفت اوساط سياسية متابعة لعملية التأليف، ان الحريري “جاب الدب عا كرمه” يوم ابرم اتفاقه مع الثنائي الشيعي حول وزارة المالية، معتبرة ان قطبة الطبخة الحكومية المخفية تكمن بشكل اساسي في مسألة الثلث العطل التي تخاض تحت عنوان اعطاء كل وزارة لوزير انطلاقاً من مبدأ الاختصاص، وتالياً اسقاط خلطة الـ 666.
وبحسب الاوساط فإن مسألة الثلث الضامن اعيد احياؤها بعدما تبين ان المبادرة الفرنسية قد سقطت بكل مندرجاتها، بما فيها الورقة الاصلاحية، مع سقوط تسوية التحقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان من جهة، ومواكبة نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية من جهة ثانية، مع ما يعنيه ذلك من ان عمر الحكومة لن يكون ستة اشهر كما اعلن الشيخ سعد بل اكثر من ذلك، اي انها ستكون بأقل تقدير مسؤولة عن اتمام استحقاق الانتخابات النيابية في حال حصل في وقته، والانتخابات الرئاسية في حال تعذر الاستحقاقين الدستوريين.
يضاف الى كل ذلك ان ترك اللعبة للاطراف الداخلية وحدها، اعاد الامور الى ما كانت عليه عشية الـ 16 من تشرين الاول 2019.
عملياً ماذا يعني ذلك؟ بكل بساطة، لا زالت الاتصالات تدور في المربع الاول، اي ان الايجابية التي يروّج لها “الطباخون” تشبه الى حد كبير الانخفاض “الوهمي” لسعر الدولار، ذلك ان كل المعطيات السياسة المحلية والدولية تكذب حتى الساعة تلك الاجواء. وفي كلا الحالتين شعب مخدوع.
فهل يقلب الحريري، الذي “ضحك بعبه” يوم عاد عن “حرده، الطاولة ويضع رئيس الجمهورية امام حكومة الامر الواقع؟ الجواب ببساطة يأتي نفياً قاطعاً، فالشيخ “ما صدق تكلف” وعا مهلو التشكيل مهما طال او قصر، فسواء رفض رئيس الجمهورية او قبل، الامر سيان.
انها حكومة” حسان دياب 2″ بإسم جديد شكلاً ومضموناً…