“ليبانون ديبايت” – وليد الخوري
لن نطرح اليوم قضية فساد مالي في وزارة الصحة بَل سَنتحدث عن الخفّة التي تُدير بها تلك الوزارة أخطر تحدّي يُواجه اللبنانيين، وهو جائحة “كورونا” التي كشفت عن الدرك الذي وصلت إليه الإدارة اللبنانيّة من ترهُلٍ نتيجة سياسة السلطة التي أمعنت بتدميرها وتحويلها إلى مستودع لغير المُنتجين و”الأزلام” بإستثناء قلّة قليلة تُكافح دون جدوى.
تصدر وزارة الصحة يومياً، أرقام الإصابات بـ فيروس كورونا وتوزّعها على البلدات والقرى، وإستنادًا على تلك الأرقام تبني الوزارات المُختصة سياستها في مواجهة “الجائحة”، ولكن ما لا يَعلمه الجميع أنّ تلك الأرقام مغلوطة والسياسات التي تُبنى عليها لن تُوصل لبنان إلّا إلى انهيار نظامه الصحي.
وللدلالة على أنّ الارقام مغلوطة، يكشف “ليبانون ديبايت” عن قيام مختبرات عدّة، بعضها مختبرات مرموقة ولديها قاعدة زبائن كبيرة، بإجراء فحوصات كورونا دون تزويد الوزارة بأعداد المصابين، ويعود سبب عدم تزويدها بالأعداد هو أنّ تلك المختبرات غير مُدرجة على لوائح المختبرات المسموح لها أو المؤهلة لإجراء فحوصات الـ “PCR” في وزارة الصحة ولكنها تُمارس عملها.
وأمّا المختبرات التي تتعامل مع وزارة الصحة، فلا يوجد “Software” مُوحد يُستخدم في تلك المختبرات لإيصال أعداد المُصابين لـ “الوزارة” بل تقوم بإرسال الأرقام بطرقٍ مختلفة، وفي أغلب الأحيان لا تعكس الأعداد الفعلية للمصابين أو تكون منقوصة ولا تتضمن المعلومات المطلوبة عن المريض وأهمها رقم الهاتف ومكان الحجر.
ويُضاف إلى ما تقدّم، أنّه في بعض الأحيان يحصل تأخير في إرسال أعداد المُصابين من قبل المختبرات إلى الوزارة وليس بشكلٍ يومي كما هو مفترض.
وفي هذا الإطار، يذكر “ليبانون ديبايت” أنّه في أحد الأيّام التي فاق عدد المصابين بـ “الفيروس” الـ 1500 إصابة لم تَكن تملك وزارة الصحة أرقام هواتف سوى 700 مصاب وأمّا البقية فإمّا أرقام خاطئة او لا يوجد رقم في الأساس.
والجدير ذكره أيضًا، أنّه نتيجة غياب الـ “Software” المُوحد فإنّ المُصاب الذي يجري أكثر من فحص وبخاصةٍ إذا أجراه في مختبر جديد وتصدر نتيجته إيجابية يُسجل أيضاً في خانة المُصابين الجدد ما يُفاقم فوضى أعداد المصابين.
ونتيجة غياب التواصل بالشكل المطلوب بين وزارتي “الصحة” و”الداخلية”، وإستناداً إلى تلك الأرقام المغلوطة والتي لا تعكس واقع الحال تصدر وزارة الداخلية قرارات الإغلاق الجزئي لعددٍ من البلدات لتنهال بعدها إعتراضات رؤساء البلديات الذين يُصدَمون من أرقام عدد المصابين في بلداتهمن ولكن بعد التدقيق بها يَجدون انها غير دقيقة وبناءً على مراجعاتهم تجري وزارة الداخلية مراجعة لقرارها وتقوم بحذف تلك البلدات من لوائح الإغلاق.
وأمّا عن الاغلاق الجزئي، فيرى خبراء أنّه غير مُجدي إطلاقاً، وذلك كون معظم الإصابات تحصل إمّا في المنزل عند مخالطة مُصاب لعائلته أو في مكان العمل، والإغلاق الجزئي يسمح بإنتقال الأشخاص إلى أعمالهم وزيارة الأهل والأصدقاء من المناطق المعزولة إلى مناطق غير معزولة، وبالتالي لن يخدم هذا الإجراء بتفادي الإصابة في ظلّ عدم إمكانية تطبيق عدم السماح بالولوج والخروج من المناطق المعزولة بشكلٍ كامل.
وإزاء ما تقدّم، فنحن أمام خطر فعلي يفوق خطر كورونا وهو الخفّة التي تتعامل بها وزارة الصحة مع أرقام المصابين، فكيف لنا أن نُواجه هذا الوباء القاتل ونحن عاجزون عن القيام بأبسط المتطلبات وهو إحصاء حقيقي لعدد المُصابين وتوزعهم على البلدات والقرى.