هل بدأ ترامب يقطف ثمار خطأ بايدن في بنسلفانيا؟

الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق مايك بنس في المناظرة التلفزيونية الثانية – “أ ب”

 

المصدر: “النهار”-جورج عيسى

 

بعدما “فجّر” المرشّح الديموقراطي جو #بايدن تصريحاً بشأن إغلاق الصناعة النفطية تدريجيّاً في المناظرة الرئاسيّة الأخيرة، توقّع مؤيّدو الرئيس دونالد #ترامب أن يخسر الديموقراطيون ولاية #بنسلفانيا النفطيّة. ترامب نفسه سارع في المناظرة إلى التوجّه للناخبين في الولايات المتأرجحة التي تتميّز باقتصاد نفطيّ قائلاً: “#تكساس، بنسلفانيا، #أوهايو، هل سمعتِ ذلك؟!”. رأى مناصرو ترامب أنّ بايدن سقط في هذا الخطأ لأنّه تعب بمرور الوقت، إذ لم يكن يجدر به أن “يتعثّر” في مسألة حساسة كهذه.

أهمّيّة الغاز والطاقة في الولاية
لبنسلفانيا 20 ناخباً في المجمع الانتخابي الكبير. والفوز بأصواتها يعني الدفاع عن ناتجها المحلّيّ الإجماليّ الذي تشكّل الصناعات النفطيّة أحد أركانه الأساسيّة. بحسب أرقام “الإدارة الأميركيّة لمعلومات الطاقة” في سنة 2019، احتلّت تلك الولاية المرتبة الثانية في الولايات المتّحدة، بعد تكساس، في إنتاج الغاز الطبيعيّ (7 تريليونات متر مكعّب). وتستخدم نصف العائلات في الولاية الغاز كمصدر أساسيّ للتدفئة في الشتاء، بحيث تتمتّع بنسلفانيا بـ 49 منشأة تخزين للغاز تحت الأرض، محتلّة بذلك المرتبة الأولى بين جميع الولايات الأميركيّة. وبالنظر إلى وقوعها في شمال البلاد، تتعرّض الولاية لشتاء قارس بسبب العواصف الثلجيّة الآتية من كندا.

تُعدّ بنسلفانيا ثالث مؤمّن أميركيّ للطاقة لصالح سائر الولايات، بعد وايومينغ وتكساس. بينما تحتلّ المرتبة السادسة في الولايات المتّحدة من حيث حجم الناتج القوميّ. وتولّد الولاية طاقة كهربائيّة تفوق ما تستهلكه، لذلك، هي الولاية الأميركيّة الأولى من حيث إرسال إنتاجها إلى خارج حدودها. ويعتمد الإنتاج الكهربائيّ الأكبر على الغاز الطبيعي.

موقف بايدن من التصديع
مشكلة بايدن لم تكن فقط بإعلانه أنّه يريد إغلاق الصناعة النفطيّة، ولو تدريجيّاً، والوصول إلى صفر انبعاثات سنة 2025. فهو قال أيضاً خلال المناظرة إنّه لا يقف ضدّ استخدام التصديع (fracking) لاستخراج الغاز. وحين جادله ترامب في قوله، تحدّاه بايدن بأن يعرض أي حديث له عن ذلك على موقع حملته الإلكترونيّ. وهكذا كان. ردّ ترامب عبر “تويتر” مظهراً أشرطة مصوّرة كثيرة يقول فيها بايدن إنّه يؤيّد وقف التصديع.

يقوم التصديع على ضخّ المياه والرمل ومواد كيميائيّة أخرى في صخور الشايل بضغط كبير ممّا يسمح للغاز بالتدفّق نحو سطح الأرض. قد يتمّ المسار عموديّاً أو أفقيّاً الأمر الذي يخلق مسارات جديدة للغاز أو يوسّع المسارات القديمة. ويُظهر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أنّ التصديع يثير الجدل لأنّه يتطلّب نقل كمّيات ضخمة من المياه بكلفة بيئيّة عالية. ويقول البيئيّون إنّ المواد الكيميائيّة التي تُضخّ في باطن الأرض يمكن أن تتسرّب إلى المياه الجوفيّة القريبة. ويذكر موقع “لايف ساينس” أنّه تمّ ربط التصديع باحتمالات رفع حالات الربو، والأمراض العصبيّة والسرطانيّة لمن يعيشون بالقرب من مواقع التصديع. ولا يخلو الأمر من احتمال تسبّب تلك التقنية بحدوث هزّات أرضيّة. لكن يمكن تفادي تلك الهزّات عبر تخفيف كميّة المياه المُضخّة في الآبار.

وفيما يقول المدافعون عن التصديع إنّ المخاطر ناجمة عن سوء التعامل البشريّ مع التقنيّة لا عن التقنيّة نفسها، عزّز التصديع إنتاج النفط في الولايات المتّحدة بشكل كبير كما خفّض أسعار الغاز. وضَمنَ أيضاً أمن الغاز للولايات المتحدة وكندا للسنوات المئة المقبلة، وأمّن أيضاً فرصة توليد الطاقة الكهربائيّة بنسبة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون أقل بحوالي 50% من انبعاثات التوليد الذي يستخدم الفحم وفقاً لـ “بي بي سي”.

مسار ترامب إلى تحسّن
ثمّة مؤشّرات إلى تغيّر في استطلاعات رأي ناخبي ولاية بنسلفانيا بعد المناظرة الأخيرة في 22 تشرين الأوّل. فللمرّة الأولى منذ أواخر أيّار، يُظهر أحد استطلاعات الرأي تقدّماً لترامب في تلك الولاية. ومنذ أوائل حزيران وحتى الأسبوع الماضي، أجري أكثر من خمسين استطلاع رأي أعطى تقدّماً لبايدن تراوح بين 2 و 13%.

وجدت شركة “إنسايدر أدفنتدج” في استطلاع أجري بين 24 و 25 تشرين الأوّل أنّ ترامب متقدّم على بايدن بفارق 2%. وكانت النتيجة تقدّم بايدن بـ 3% وفقاً لاستطلاعها ما قبل الأخير (10-13 تشرين الأوّل). بذلك، يكون ترامب قد حقّق قفزة بقيمة 5% في أقلّ من أسبوعين.
كذلك، أجرت شركة “ترافالغار” استطلاع رأي في 24 و 25 تشرين الأوّل، وجد أنّ هنالك تعادلاً في الأصوات، بعدما كان استطلاعها الأخير (10-12 تشرين الأوّل) يشير إلى تقدّم بايدن في الولاية بنسبة 2%.

 

خطأ الأمتار الأخيرة
هذان المؤشّران جدّيّان. لكنّهما بعيدان من أن يكونا حاسمين. فعيّنة “إنسايدر أدفنتدج” ضئيلة نسبيّاً (400 ناخب محتمل)، بعكس “ترافالغار” (فوق الألف). بالمقابل، كان هنالك استطلاع آخر بالتعاون بين “رويترز” و”إيبسوس” (20-26 تشرين الأوّل) وجد أنّ بايدن متفوّق بـ 5 نقاط مئويّة. ومن غير الواضح مدى تأثير المناظرة على ذلك الاستطلاع الذي شمل 653 عيّنة من الناخبين المحتملين. لكن حتى بالمقارنة مع استطلاعهما الأخير (6-10) تشرين الأوّل، تراجع بايدن بنسبة 2%.

قد يَبرز استطلاع رأي لشركة أخرى في الأيّام المقبلة يطيح بالنقاط التي كسبها ترامب في الولاية مؤخّراً، خصوصاً أنّ منحنى معدّل استطلاعات الرأي نادراً ما يكون مستقيماً. ومع ذلك، إذا كانت نتيجة هذا الاستطلاع إيجابيّة لترامب، أو على الأقلّ مظهرة تراجعاً لبايدن عن النتيجة ما قبل الأخيرة للشركة نفسها، فهذا يعني أنّ ترامب على المسار الصحيح للفوز بتلك الولاية، وإن لم يكن الفوز مضموناً. ربّما سيتمّ تذكّر “خطأ” بايدن في الأمتار الأخيرة من السباق الرئاسيّ كمبدّل جذريّ لنتيجة الانتخابات.

Exit mobile version