ترسيم الحدود: هل يُعلِن بري اليوم اتفاق الإطار؟ المبادرة الفرنسية مجمّدة

من اعتصام احتجاجي على عدم إقرار قانون العفو أمس (هيثم الموسوي)

 

الأخبار

بانتظار الزيارة التي سيقوم بها ديفيد شينكر لبيروت في النصف الأول من تشرين الأول، جرى التداول بمعلومات عن اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم للإعلان عن اتفاق الإطار الذي سيمثّل قاعدة لانطلاق المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم الحدود البرية والبحرية مع العدو الإسرائيلي، برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية

 

بعدَ انتظار استمرّ أكثر من عشر سنوات لرحلة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلّة، بمباحثات قادَها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، انتهت إلى الاتفاق على الإطار التفاوضي الذي فرضه لبنان الرسمي كقاعدة لانطلاق التفاوض، من المرجّح أن يُعلِن بري اليوم هذا الأتفاق، قبيل أسبوعين من وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر إلى بيروت. في اليومين الماضيين، زار عين التينة كل من قائد قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل» اللواء ستيفانو ديل كول، والمنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، وتداولت معلومات عن أن كوبيتش وديل كول التقيا الرئيس بري من أجل وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق قبلَ الإعلان عنه. هذا الإعلان يعني أن لبنان صار قاب قوسين أو أدنى من بدء التفاوض غير المباشر على الترسيم، برعاية الأمم المتحدة وحضور الوسيط الأميركي، فيما يتوقّع أن تنطلق المفاوضات بعد زيارة شينكر. وقالت مصادر مطلعة إن الإطار لا يزال كما هو بالنسبة الى تلازم الترسيم بين البر والبحر، ورعاية الأمم المتحدة وعدم تحديد مهلة زمنية، كمبادئ عامة، مع اجراء بعض التعديلات على آلية التنفيذ بما لا يمس بجوهر الإطار.

الإعلان عن الاتفاق يعني انتقاله من عهدة الرئيس بري إلى قيادة الجيش والحكومة ورئاسة الجمهورية، بحيث سيكون الجيش هو الطرف الممثل للبنان في المفاوضات، وسيرفع بدوره التقارير الى الرئاستين الأولى والثالثة للاطلاع على مسار التفاوض، من أجل اتخاذ القرارات في هذا الشأن. وبالإعلان عن هذا الاتفاق يكون لبنان قد دخلَ معركة استرجاع حقوق وتثبيتها براً وبحراً، وهي عملية صعبة ومعقدّة قد تأخذ سنوات، خاصة أن واشنطن تستخِدم في الموازاة سيف العقوبات من أجل الضغط على لبنان وانتزاع تنازلات منه في هذا الملف. ولم يكُن عابراً ولا صدفة أن يفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) عقوبات على المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل بعد فترة وجيزة من الوصول إلى اتفاق الإطار (شهر تموز الماضي)، ويرد المكتب السياسي لحركة أمل على هذه العقوبات رابطاً بينها وبين ملف الترسيم. هذا الواقع يفرض على لبنان أن لا يُسلّم بالوساطة الأميركية أو أن يتعامل معها على نحو إيجابي، في ظل بلوغ الهجمة الأميركية على لبنان والمقاومة ذروتها، عبرَ فرض عقوبات صارمة وتجفيف الدولار من البلد وإطباق الحصار عليه، والعمل والضغط لأجل وضع حزب الله على قائمة الإرهاب في شتى أنحاء العالم. ولا يجوز لأي فريق في الداخل أن يتعامل مع ملف التفاوض على ترسيم الحدود البحرية والبرية كورقة للتنازل أمام الولايات المتحدة، سواء لنيل رضاها أو للإفلات من العقوبات، لأنه واحد من الطرق الأساسية لاسترجاع كامل الحقوق، سواء بالنسبة إلى الأراضي في البر أو المساحة الكاملة بحراً.

تعليق المبادرة الفرنسية
من جهة أخرى، وعلى الصعيد الحكومي، لم تُسجّل في اليومين الماضيين أي حركة اتصالات بينَ المكونات السياسية التي أطفأت محركاتها، فيما ينتظر الجميع «حجراً» خارجياً يُحرك المياه الراكدة. فالمبادرة الفرنسية مجمّدة، بحسب مصادر معنية بها، في انتظار انتهاء إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون من تقييم ما جرى في المرحلة الماضية، وصولاً إلى اعتذار السفير مصطفى أديب عن عدم تأليف الحكومة وما تلاه. هذا الهدوء، خرقه بيان لرؤساء الحكومة السابقين رداً على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أكدوا فيه أنهم لم يفرضوا اسماً أو حقيبة، بل اقتصر دورهم على توفير الغطاء بشكل شفاف وواضح لتنفيذ ما وافقت عليه الكتل النيابية في قصر الصنوبر. واعتبر البيان أن «من الملفت في رواية الأمين العام لحزب الله أنها تعمّدت افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية وبين رئيس الحكومة المكلف، بزعم التعدّي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية لمصلحة رئاسة الحكومة وما تمثل». ورأى البيان أن «مطالعة الأمين العام لحزب الله تنسف المبادرة الفرنسية أيضاً بمحتواها الاقتصادي والمالي من خلال المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والإصلاحات الاقتصادية والمالية».
في سياق آخر، توجهت الأنظار أمس الى الجلسة التشريعية التي انعقدت في الأونيسكو، لا سيما بعد أن كان هناك اتجاه لمقاطعة الكتل المسيحية، بسبب قانون العفو العام.

فكان المخرج الذي اقترحه بري بتشكيل لجنة نيابية لتقريب وجهات النظر بين الكتل، غيرَ أن هذا الأمر لم يحصل وجرى ترحيل اقتراح القانون الى جلسة ستعقد في الـ20 من الشهر المقبل، إذ لم يتأمن نصاب لعقد الجولة المسائية. وهي جلسة قال بري إنه سيتم فيها انتخاب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بدلاً من النواب المستقيلين، «وبعدها سأفتح جلسة تشريعية لإقرار قانون العفو في حال توصّلت اللجنة إلى اتفاق». وتابع: «نخشى أن نصل الى مكان نقول فيه للسجناء نحن لا نستطيع أن نطبّبكم». وقال برّي «نأسف للمنحى الذي وصلنا إليه، وطرحي كان التخفيف من السجون بعد تفشي كورونا، وكان يجب إقرار أي قانون وليس بالضرورة ما كان مطروحاً»، موضحاً أن «هناك 237 حالة كورونا في سجن زحلة، وفي سجن روميه أصبحوا كثراً، وهو يتسع لـ1200 شخص وينامون في الأروقة، واقتراح قانون العفو العام ليس قرآناً أو إنجيلاً مقدساً».وكانت الهيئة العامة قد أقرّت سلسلة من القوانين الأخرى، أبرزها اقتراح القانون الرامي إلى تعديل أحكام المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، لجهة تكريس حق الموقوف في الاستعانة بمحام أثناء التحقيقات الأوّلية، وتصوير جميع التحقيقات بالصوت والصورة.
Exit mobile version