وليد جنبلاط: لا أرى مخرجاً من الأزمة اللبنانية
تييري أوبيرلي-جريدة الجمهورية
مقابلة – شخصية في السياسة اللبنانية، هو زعيم الطائفة الدرزية اللبنانية ويرأس الحزب التقدمي الاشتراكي (PSP).
يحلّل وليد جنبلاط الأزمة الاقتصادية والسياسية والمعنوية التي تمرّ بها بلاده. ويرفض الحوار مع الزعيم السنّي ورئيس الوزراء السابق سعد الحريري، الذي استقال قبل عام ويعتزم تشكيل حكومة جديدة.
• لوفيغارو: أداء لبنان سيئ. كيف تفسّر هذا التعثر؟
– وليد جنبلاط: تلقينا ضربة فوق ضربة. حصلت «الثورة»، وانخفضت قيمة الليرة اللبنانية، وتشكيل حكومة جديدة بعدما تأخّر سعد الحريري في ترك السلطة. هذه الحكومة لم تعرف أو لم ترغب في التفاوض بجدّية مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. لم يُسدّد الاستحقاق وسقطنا في دوامة الانهيار والتوقف الاقتصادي، فيما يعتمد لبنان على التدفقات المالية بأموال تأتي من الخارج. المليارات التي كانت تصل في وقت ما في عهد الحريري تمّ إنفاقها بشكل سيئ في نظام فاسد للغاية.
• من يتهم؟ المصرف المركزي اللبناني؟ المالية؟ إنها حلقة مفرغة.
– كانت هناك حيل لجذب الأموال والحصول على الفائدة. استفاد منه الجميع بلا استثناء. من المدخّرين الصغار إلى الأقوياء. لأسباب داخلية، فشل لبنان في الإصلاح. مثل الكهرباء. لقد توسلنا الفرنسيون لتصحيح هذا القطاع الأساسي حتى يعمل بشكل صحيح، لكن لم يتمّ الاصغاء اليهم. في الذكرى المئوية لتأسيس فرنسا لهذا البلد، حدث انفجار مرفأ بيروت الذي كان أحد جواهر الإمبراطورية العثمانية. ذهب المرفأ.
• هل تبدو مقترحات إيمانويل ماكرون واقعية بالنسبة لكم؟
– أحسن ماكرون أن يأتي. لقد علّمنا درساً واضحاً: دعونا نحاول حلّ المشكلات التي يمكن حلّها، أي الإصلاحات، الكهرباء، إعادة رسملة البنوك. أقبل انتقاداته، رغم أنني أحد السياسيين المهمين، لكني لا أملك كل التروس. بعد زيارته، تذاكى البعض. آخرون، من الموالين لإيران، يلعبون على الوقت. إنهم يراهنون على الانتخابات الأميركية في تشرين الثاني. العناصر الرئيسية لمبادرة ماكرون باقية، لكن من سيترجمها على أرض الواقع؟
• النظام الزبائني اللبناني ينهار. هل يستطيع البقاء على قيد الحياة؟
– إنه ينهار ولكن في الوقت نفسه، لإجراء إصلاحات، تحتاج إلى حد أدنى من السيادة على البلاد، وهذا ليس هو الحال. إننا نعاني من الاقتصاد الموازي والتهريب. الاقتصاد متشابك مع اقتصاد سوريا التي تشهد حرباً. نحن لا نسيطر على حدودنا من المرفأ إلى الحدود البرية. مثلاً: نستهلك 1.2 مليار دولار من الأدوية لستة ملايين نسمة. هذا كثير! كارتل المستوردين أقوى من الدولة. يتمّ دعمه فيما لن يكون هناك دولار واحد في احتياطيات البنك المركزي في غضون بضعة أشهر.
• هل تؤيّد الانتقال السياسي؟
لا يوجد حل سياسي انتقالي. لا أرى مخرجًا. الشيعة و«حزب الله» والأجنحة المسيحية، وبدرجة أقل السنّة، لا يؤيّدون فصل الدين عن الدولة. من جانبنا نقترح برلماناً غير طائفي مع مجلس شيوخ طائفي لتهدئة عصبة الكهنة والشيوخ.
• هل ما زلت تؤمن بمستقبل لبنان؟
– كان بلداً جميلاً. كان لبنان رائداً في النشر والصحافة والتعددية والحياة الفكرية، مع جامعات عالية الجودة. كنا مستشفى الشرق الأوسط، لكن أطباءنا يغادرون بأعداد كبيرة. انفجار المرفأ ضربة قاتلة. العملة اللبنانية لم تعد تساوي شيئاً، والنخب تغادر. لقد حان وقت الخروج.
• ما رأيك في ترشيح سعد الحريري لرئاسة الوزراء؟
– طرح نفسه على أنّه المرشح الوحيد، ولكن بحسب الدستور، فإنّ الكتل النيابية هي التي تسمّي المرشح وتسلّم الاسم الى رئيس الجمهورية. إنّه يقلب المشكلة رأساً على عقب من خلال التشاور مع الأطراف. يسألهم ما إذا كانوا مع «برنامج إصلاح ماكرون» أم لا. يقول «ماكرون هو أنا!»، «الدولة هي أنا!» الأمر هو للكتل أن تسأله عن برنامجه. لن أستلمه! يدّعي أنّه سيشكّل حكومة غير سياسية، لكنه هو نفسه زعيم سياسي. لقد حجز الـ«ténors» الكبار مقدّماً وزاراتهم، المالية وربما الصحة للشيعة، والداخلية وربما الاتصالات السلكية واللاسلكية للسنّة. أرفض أن أُعتبر أقلية من الدرجة الثانية. نفس الشيء ينطبق على الكاثوليك، وبدرجة أقل الروم الأرثوذكس.
• ما رأيك في حركة 17 تشرين؟
– لقد طفح كيل الناس، لكن «الثوار» دخلوا في حلقة مفرغة. أرادوا تدمير كل شيء. كيف يتمّ تفكيك النظام وهو قائم على الطائفية وامتيازات رجال الدين المسيحيين والمسلمين الذين هم الاقوى؟ قالوا «نحن الجيل القادم». جيد جداً، ولكن سرعان ما دخل المشاغبون والخلافات والتوترات الطائفية الى داخل الحركة. يمثل 17 تشرين تمرّد البروليتاريين الحضريين في الشمال والجنوب ضدّ العاصمة ووسط المدينة وثرائها المفترض. لم يتمّ عمل شيء لهم.
• هل نتجّه نحو تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل؟
– من خلال هذه المفاوضات، ترسل إيران رسالة إلى الولايات المتحدة ثم الى إسرائيل. لا أدري كم من الوقت ستستغرق المناقشات لترسيم الحدود البحرية التي تجرى بموافقة «حزب الله». إسرائيل بحاجة إليها لأنّها دخلت في محور مصالح استراتيجي للنفط والغاز مع قبرص ومصر واليونان ضد تركيا. يحتاج اللبنانيون أيضًا إلى الكلام، لأنّه يمكن أن يجلب لنا الموارد إذا تمّت إدارتها بشكل جيد.