كتب وليد شقير في “نداء الوطن”: هل تفرض الحاجة القصوى والملحة لتأليف الحكومة الجديدة تحت ضغط المخاوف من الانهيار المالي الكامل ونتائجه الكارثية التي تأخذ لبنان إلى المجهول، التوجه نحو “لبننة” المبادرة الفرنسية، بحيث يجري تعديلها لتتلاءم مع ما يريده بعض الفرقاء من اشتراك في تسمية الوزراء فيها؟
تعبير “اللبننة” انتشر في الأيام الأخيرة في بيروت وبلغ باريس. وهو يعني أن إنهاء الفراغ الحكومي القاتل يجب أن يأخذ في الاعتبار هواجس الفرقاء الذين يفترض أن يمنحوها الثقة بإعطائهم حق تسمية وزراء فيها حتى لو كانوا من المستقلين في طوائفهم. فبعض هؤلاء ولا سيما “حزب الله”، يتصرف إزاء حرمانه من تسمية وزراء طائفته على أنه استبعاد واستئثار ومؤامرة عليه وانسياق وراء إملاء أميركي وعربي خليجي، إلى ما هنالك من توصيفات لا نهاية لها، في وقت تكثر المبررات التي باتت معروفة لاستبعاد الحزبيين وحتى لمن تسميهم الأحزاب تحت يافطة “الأخصائيين والمستقلين”. وتبدأ هذه المبررات بما قاله الرئيس الفرنسي للقادة اللبنانيين حين التقاهم عن أنهم فشلوا في معالجة أزمة البلد وأن الشعب الذي التقاه في الشارع لا يريدهم، ولا تنتهي عند القول بأن تكرار تجربة حسان دياب يعني الفشل لأن وزراءه جاءت بهم القوى السياسية فلم يخرجوا عن عباءتها وحالوا دون الإصلاح. وما يتجنب البعض المجاهرة به هو أن اشتراك “حزب الله” في الحكومة سيحجب عنها المساعدات، حتى لو نفذت بعض الإصلاحات، لأنه يعني بالنسبة إلى واشنطن ودول عربية استمرار هيمنته على قراراتها، المطلوب وقفها والحد منها. وهذا ما يجعل خرق مبدأ أساسي من مبادئ المبادرة، في شقها السياسي، محفوفاً بمخاطر عدم الإيفاء بوعود الدعم المالي من قبل الولايات المتحدة والدول العربية.
إلا أن اقتران عودة زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري بالترشح للرئاسة الثالثة انطلاقاً مما انتهى إليه الرئيس مصطفى أديب على قاعدة حكومة المستقلين غير الحزبيين، يسودها التباس كبير بالنسبة إلى بعض الفرقاء السياسيين: هل سيصر الحريري على عدم اشتراك الأحزاب ولا سيما “حزب الله” و”الثنائي الشيعي”، في تسمية الوزراء بهذه المواصفات كما أصر عليه مصطفى أديب، أم أن معالجة العقدة التي “انتهى” عندها الأخير وحالت دون تأليفه الحكومة تفترض بالحريري التساهل فيها بحيث يقبل باشتراك الأحزاب في التسمية حتى يتمكن هو من التأليف؟
هذا الالتباس دفع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط إلى انتقاد الحريري، مطالباً بحق تسمية الوزير أو الوزراء الدروز، رافضاً ما سماه “تجاهل” الطائفة وسط اعتقاد بأن الحريري يتجه نحو توافق ما على اشتراك “الثنائي” في طرح أسماء غير حزبيين من الشيعة من أجل قيام حكومته، وأن هذا التوجه يفترض أن يشمل كل الفرقاء.
في اعتقاد البعض أن تركيز مشاورات الحريري على تجديد التزام الفرقاء بالشق الإصلاحي من المبادرة الفرنسية ربما يخضع لمعادلة تسليم “حزب الله” بالإصلاحات التي لوّح السيد حسن نصر الله بمعارضتها، ولا سيما ما تتطلبه من خطوات موجعة باتفاق مع صندوق النقد الدولي، مقابل القبول بحق تسمية وزراء لا تكون أسماؤهم مستفزة للمجتمع الدولي وللفرقاء اللبنانيين. فهل العودة إلى آلية الرئيس نبيه بري، بأن يسلم لائحة طويلة من المرشحين الشيعة ليختار منها الرئيس المكلف؟ وهذا ينطبق تالياً، اذا صح، على سائر الفرقاء.