أعراض غريبة جديدة لفيروس كورونا المستجد، مثل الشعور بالمشي على الجمر وتساقط الشعر، وطفرة محتملة في الفيروس؛ هذه بعض المعطيات الجديدة التي ظهرت خلال الأيام السابقة حول الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19، وسنستعرضها هنا، بالإضافة إلى نصائح من بروفيسور فرنسي لتقوية المناعة.
ونبدأ مع الأعراض الجديدة، إذ يعد تساقط الشعر والأرق المستمر ومشاكل الذاكرة والطفح الجلدي ومشاكل القلب والقلق المتزايد وغيرها، من الأعراض غير المعتادة التي يبلغ عنها بعض الذين أصيبوا بفيروس كورونا، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى استمرار هذه الأعراض من أسابيع إلى عدة أشهر.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن صحيفة “شيكاغو تريبيون” (chicagotribune) أنه من بين أصحاب تلك الحالات، مريضة تدعى جولي شاشافان هورن، كان قد تم نقلها إلى المستشفى مطلع نيسان الماضي إثر إصابتها بكوفيد-19، وظهر عليها وقتئذ بعض الأعراض الشبيهة بأعراض الإنفلونزا المصاحبة للفيروس منذ اكتشافه، وهي حمى وسعال شديد وضيق في التنفس.
ثم جاءت سلسلة من الأعراض غير العادية التي تعرضت لها ولم تكن تعاني منها قبل إصابتها بفيروس كورونا المستجد.
حرقة غريبة
فقد وصفت جولي (51 عاما) شعورها بحرقة غريبة في باطن قدميها، وكأنها تمشي على جمر، وبعد أسبوعين من خروجها من المستشفى، بدأت تلاحظ تعرضها لتشوش غريب في الذاكرة، حيث كانت -لسبب غير مفهوم- تنسى أرقام الهواتف والحقائق الروتينية البسيطة التي كان بإمكانها من قبل تذكرها بسهولة.
ثم بدأت تعاني خلال فصل الصيف من تساقط شعرها بدرجة كبيرة، حيث تقول: “كنت أعاني من أعراض مختلفة كل يوم.. وكنت أتساءل، ما هذا؟”.
وبينما يكافح خبراء الطب والعلماء من أجل فهم خصائص الفيروس الجديد، يقوم بعض المرضى بالإبلاغ عن مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأعراض التي تختلف عما تتضمنه القوائم الرسمية الصادرة عن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، والسلطات الصحية الرئيسية الأخرى، بحسب ما ذكرته الصحيفة.
وغالبا ما تبدو تلك الأعراض كأنها تظهر أو تخبو دون سابق إنذار، وأحيانا ما تستمر شهورا بعدما يكون من المفترض أن المصابين بالفيروس قد تعافوا منه.
وفي فترة سابقة من تفشي الوباء، كانت معظم الجهود الطبية المبذولة تركز على إبقاء المرضى على قيد الحياة، وتخفيف العبء في المستشفيات المكتظة بهم.
إلا أن ناتالي لامبرت، وهي أستاذة أبحاث مساعدة في كلية الطب بجامعة إنديانا ومعنية بدراسة العواقب الصحية المرتبطة بمرض كوفيد-19 على المدى الطويل، قالت إن هناك حاجة متزايدة في الفترة الحالية لإجراء أبحاث بشأن الحالة الصحية على المدى الطويل، بالنسبة للذين نجوا من الفيروس ولكن لا يبدو أنهم قد تعافوا تماما.
طفرة محتملة في منطقة نائية
وننتقل إلى تشيلي، حيث يعكف العلماء على دراسة طفرة محتملة لفيروس كورونا المستجد في جنوب باتاجونيا، وهي منطقة نائية قرب أقصى جنوب قارة أميركا الجنوبية، شهدت موجة عدوى ثانية بشكل غير عادي في الأسابيع القليلة الماضية.
وقال الدكتور مارسيلو نافاريتي من جامعة ماجالان -في مقابلة لرويترز- إن الباحثين اكتشفوا “تغيرات هيكلية” في نتوءات الفيروس التي تميز شكله التاجي، وأضاف أن الأبحاث جارية لفهم الطفرة المحتملة وتأثيراتها على البشر بشكل أفضل.
وتابع أن “الشيء الوحيد الذي نعرفه حتى الآن هو أن هذا يتزامن في الزمان والمكان مع موجة ثانية شديدة الحدة في المنطقة”.
ومنطقة ماجالان في تشيلي هي -إلى حد كبير- منطقة برية نائية مليئة بالأنهار الجليدية، تتخللها بلدات صغيرة ومنطقة بونتا أريناس التي شهدت ارتفاع إصابات كوفيد-19 في أيلول وتشرين الأول، بعد الموجة الأولى هذا العام.
وتقترب المستشفيات من الإشغال الكامل في المنطقة المتضررة بشدة، وقال مسؤولو وزارة الصحة في تشيلي إنهم بدؤوا نقل المرضى من المنطقة إلى العاصمة سانتياغو.
وأشارت دراسات أخرى خارج تشيلي أيضا إلى أن فيروس كورونا يمكن أن يتطور بينما يتكيف مع مضيفيه من البشر.
وخلصت دراسة أولية حللت بنية الفيروس بعد موجتين من العدوى في مدينة هيوستن الأميركية، إلى أن سلالة شديدة العدوى هيمنت على العينات الحديثة.
وأقر نافاريتي بحدوث طفرات مماثلة في أماكن أخرى، لكنه قال إن العزلة النسبية والمناخ القاسي في منطقة ماجالان المعروفة بالبرد والرياح، ربما تكون قد فاقمت تأثيرات الإصابة.
ويقول العلماء إن الطفرات قد تجعل الفيروس أكثر قدرة على العدوى، لكنها لا تجعله بالضرورة أكثر فتكا، كما أنها لا تمنع بالضرورة فاعلية أي لقاح محتمل.
تقوية المناعة
ويقول البروفيسور جان دانيال ليليفر -وهو مدير قسم مخصص للأمراض المعدية والمناعة السريرية في مستشفى هنري موندور في كريتيل، ومتخصص في المناعة وفي اللقاحات قيد التطوير- إن الجهاز المناعي يعدّ بمثابة نتيجة تفاعلات متعددة، لذلك هناك العديد من الاستجابات المناعية التي تختلف من شخص لآخر.
وقال ليليفر -في مقابلة أجرتها معه مجلة لوبوان (lepoint) الفرنسية- إن المناعة هي ما يدافع عنا ضد الاعتداءات الخارجية التي نواجهها باستمرار.
ويمنع جهاز المناعة مهاجمة المكونات الصحية لأجسامنا، حتى بعض البكتيريا التي نتعايش معها مثل الميكروبات الموجودة في جهازنا الهضمي. بالإضافة إلى ذلك، فهو قادر على الدفاع عنا ضد العوامل المعدية الخارجية مثل فيروس كورونا، لذلك يجب أن نفهم أن جهاز المناعة يختلف من إنسان لآخر.
وعن السبب الذي يجعل بعض الناس يمرضون دون غيرهم، وعما إذا كان ذلك يرجع إلى وجود اختلافات في جهاز المناعة، تحدث البروفيسور عن أمور منها أن هناك اختلافات في صفوف السكان، مما يعني أن البروتينات الموجودة على سطح الخلايا تختلف من شخص لآخر. هذه الفوارق طفيفة، لكنها يمكن أن تؤثر على فعالية جهاز المناعة.
وأضاف أن الكثير من الناس يتفاجؤون بأن النساء يمكن أن يصبن بمرض كوفيد-19 بحدة أقل، لكن بالنسبة لعلماء المناعة هذا ليس بالأمر الجديد.
وبالإضافة إلى ذلك، يوجد عدد كبير من جينات المناعة في الكروموسوم “إكس” (X) (يوجد لدى المرأة كروموسومان منه “XX”، بينما لدى الرجل كروموسوم واحد منه “XY”). وهذا قد يفسر -على وجه الخصوص- أن النساء لديهن إصابات أقل ويستجبن بشكل أفضل للقاحات بشكل عام.
وفي سؤال الصحيفة عن وجود أي ممارسات يمكن أن تساعد في تقوية جهاز المناعة، يشير البروفيسور إلى أنه “إذا كان لديك نمط حياة صحي، فسيكون نظام المناعة لديك أفضل. يمكننا ملاحظة ذلك مع وباء كوفيد-19”.
في المقابل، يمكن أن تؤدي السمنة ومرض السكري إلى زيادة قابلية الإصابة بفيروس كورونا وأشكال أكثر حدة من المرض.
كما أننا عندما نصاب، قد لا نستجيب بالشكل الأمثل. وعلى الرغم من أنه من الواضح أن لا طعام بعينه يزيد من أداء الجهاز المناعي، فإن الحالات التي لا يبدو أن لها صلة مباشرة بالمرض -مثل زيادة الوزن أو أمراض القلب والأوعية الدموية- تعدّ مشكلة بالنسبة لجودة الاستجابة المناعية.
أما عن العوامل الخارجية مثل قلة التعرض لأشعة الشمس، فيذكر البروفيسور أن الشمس المشرقة تلعب دورا غير مباشر في هذه الحالة، فمن المعروف أن فيتامين “دي” (D) مهم لعدد من الخلايا في جهاز المناعة، لكن إذا أخذته فإنه لن يجعل جهازك المناعي خارقا، غير أن غيابه يمكن أن يؤثر عليه سلبا.