الوقت- يصادف السادس من تشرين الأول ذكرى تأسيس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين. وحركة الجهاد الإسلامي هي واحدة من أقدم حركات المقاومة الإسلامية في فلسطين، والتي تشكّلت نواتها الأساسية في نفس وقت شروق شمس الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. وخلال احياء هذه الذكرى الـ33 للانطلاقة الجهادية لحركة الجهاد الاسلامي، قال الناطق باسم حركة الجهاد الاسلامي “ماهر الاخرس” : “اليوم نحيي الذكرى الثالثة والثلاثين للانطلاقة الجهادية المباركة، في ظل ظروف الحصار القاسية والصعبة، والأحوال المعيشية التي مست كل بيت فلسطيني داخل الوطن وخارجه، وبسبب جائحة كورونا فإن الحركة قررت ألّا تقيم فعاليات جماهيرية كبيرة وواسعة في الميادين كما جرت العادة في الأعوام السابقة”.
ومن جهته أكد “أبو محمد” عضو المجلس العسكري لـ”سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أن سرايا القدس على جهوزية تامة في أي مواجهة قادمة مع الاحتلال وفي جعبتها ما يفاجئ الاحتلال . وقال “أبو محمد” :”لن نخذل شعبنا ولدينا من الإمكانيات ما يكبّد الاحتلال الخسائر، مشدداً على أن سرايا القدس في ديمومة لتطوير العمل العسكري”. وتابع أبو محمد: “أنه وبعد 33 عاماً نستحضر التشكيل العسكري الأول لسرايا القدس والهمة التي حملها من أسس العمل العسكري لتوجيه البوصلة صوب فلسطين”، مشدداً على أن الانطلاقة الجهادية جاءت للمحافظة على إرث الشهداء وخاصة أنهم ضحوا بأرواحهم لترتقي المقاومة فهم النواة الأولى للعمل العسكري .
وأضح القيادي الكبير في سرايا القدس، أن الجناح العسكري بدأ بعمليات متواضعة ولكنه استطاع أن يتطوّر ليصبح رقماً صعباً، مشيراً إلى أن “سرايا القدس” أثبتت حضورها بقوة في كل الحروب على مدار الثلاث عقود الأخيرة وتمكنت من توجيه الضربات الموجعة للاحتلال وكان السباق في ضرب المدن الصهيونية الكبرى وقال “أبو محمد”: “إن سرايا القدس تمكنت من فرض معادلة الردع مع الاحتلال الاسرائيلي وخاصة أن العدو الصهيوني كان يستبيح كل شيء و ليس لدية خطوط حمراء، ولكن المعادلة بعد 2012 غيرت قواعد الاشتباك وفرضت على العدو الصهيوني عدم استباحة دماء شعبنا، وكان للقائد الشهيد بهاء أبو العطا دور كبير في ردع الاحتلال وإرباك المنظومة الأمنية التي أصبحت تؤرق إسرائيل”.
الجدير بالذكر أن حركة الجهاد الاسلامي قد تطورت بمرور الوقت إلى درجة أنها تقف اليوم إلى بوجه الكيان الصهيوني كواحد من الأعداء الرئيسيين لهذا الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين إلى جانب حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
النهج والرؤية المستقبلية
حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية هي ثاني أكبر حركة مقاومة في فلسطين، ولها مكانة خاصة لدى الفلسطينيين من حيث القدرة العسكرية ومقاربات المقاومة. ولقد قدمت حركة الجهاد الإسلامي نفسها في بداية مسيرتها السياسية على النحو التالي: حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية حركة مقاومة من فلسطين مرجعها الإسلام، وهدفها تحرير فلسطين من الكيان الصهيوني ومنهجها الجهاد ووفقاً لهذا الوصف، تشكل الموضوعات التالية أهم مقاربات هذه الحركة.
المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين
ترى حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، وتعتبر المقاومة المسلحة من أولويات المقاومة الحالية، وهي غير مستعدة للجوء إلى أي وسيلة أخرى لتحرير فلسطين، لأنها تعتقد أن العدو الخائن الصهيوني سوف يتمسك بحقوقه الزائفة ولن يعطي أبناء الشعب الفلسطيني شيئاُ.
فلسطين من البحر الى النهر
تعتبر حركة الجهاد الإسلامي، أراضي فلسطين التاريخية ممتدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط. بمعنى أنها، مثل بعض الحركات الفلسطينية مثل “فتح”، لا تؤمن بحدود 1967. ولقد وافقت بعض الفصائل الفلسطينية على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 تشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. لكن حركة الجهاد الإسلامي تعتبر تحرير فلسطين يشمل كل فلسطين التاريخية، وليس أجزاء منها.
عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني
إن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية لا تريد التفاوض مع الكيان الصهيوني والاعتراف به. وهذا التوجه مخالف لرأي بعض الفصائل الفلسطينية مثل حركات التسوية التي اعترفت بهذا الكيان بعد قبولها مفاوضات مع قادة “تل أبيب”. إن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إيماناً منها بمقاومة تحرير فلسطين، لا تؤمن بالتسوية وتطالب دائماً بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني. ومن هذا المنطلق، فإن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، على الرغم من إيمانها بوجود كل الفصائل الفلسطينية في ظل منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل القانوني الوحيد للشعب الفلسطيني، إلا أنها قد اشترطت شرطاً وحيداً لوجودها في هذه المنظمة، يتمثل في شطب الاعتراف بالكيان الصهيوني من نظام منظمة التحرير الفلسطينية.
قدرات بارزة
أعلنت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، على الرغم من جوهر فكرها النشط منذ عام 1979، رسمياً عن تشكيل فرعها العسكري منذ بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، ولقد لعب هذا الفرع العسكري دوراً مهماً في نجاح الانتفاضة الأولى. وحققت كتيبة القدس (سرايا القدس) تقدماً ملحوظاً بمرور الوقت، جنباً إلى جنب مع فصائل المقاومة الأخرى، لكنها كانت في طليعة أنشطتها منذ سيطرة حركة “حماس” على قطاع غزة.
صواريخ بعيدة المدى وخاصة بكتيبة “سرايا القدس”
لقد وقفت كتيبة “سرايا القدس”، دون توقف للحظة، إلى جانب فصائل المقاومة الأخرى، وتمكنت خلال السنوات الماضية من تحقيق الكثير من الانجازات العسكرية، لكن تركيز هذه الكتائب كان متمركز على صناعة وتطوير صواريخ بعيدة المدى. ومع مرور الوقت، أطلقت كتيبة “سرايا القدس” صواريخها الأولى على العدو في عام 2009 خلال حرب الـ 22 يوماً، وفاجأت العدو الصهيوني ببناء صواريخ جديدة خلال حرب الـ 51 يومًا عام 2014. وفي الحرب التي استمرت 51 يوماً، تمكنت هذه الحركة من استهداف “تل أبيب” و”نتانيا” في شمال فلسطين المحتلة بصواريخ بعيدة المدى.
التخصص في إنشاء الأنفاق وعملياتها الإنشائية
تخصص آخر لكتيبة “سرايا القدس هو بناء الأنفاق ولقد فاجؤوا العدو الصهيوني ببناء أنفاق كبيرة وعميقة، حيث اكتشف الصهاينة مداخل بعضها في السنوات الأخيرة، على بعد أميال من قطاع “غزة”، والعمليات العسكرية التي نفذوها باستخدام هذه الأنفاق.
الدخول إلى مجال الإعلام والتكنولوجيا
كما قامت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، بدخول مجال التكنولوجيا، وتمكنت خلال الفترة الماضية من اختراق القنوات التلفزيونية والهواتف المحمولة للصهاينة الذين يعيشون في فلسطين المحتلة، وكذلك في حرب الـ 51 يوماً والصراعات التي تلت ذلك. وإضافة إلى ذلك، بادرت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بإطلاق شبكة “فلسطين اليوم” ومواقع الكترونية نشطة تعمل تحت مظلة الجهاد والمقاومة الفلسطينية، حتى لا يتمكن العدو من الدخول في الحرب النفسية ضد حركات المقاومة.
نظرة الكيان الصهيوني إلى حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية
على الرغم من أن الصهاينة هم أعداء الأمة الفلسطينية بأسرها، إلا أن حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وصفها الصهاينة بأنها أخطر عدو للكيان الصهيوني داخل فلسطين بسبب قدراتها العسكرية وعدم دخول إلى عالم السياسة وتركيزها على المقاومة المسلحة. وانطلاقاً من هذا الرأي، سعى الكيان الصهيوني في السنوات الأخيرة بشكل يائس إلى إحداث شرخ في العلاقة بين حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، ولقد تابع هذا العمل بشكل مستمر خلال الفترة الماضية، لأنه يعلم جداً أنه مع القدرات والإمكانيات الحالية للحركتين، فإن التحالف الناتج بينهما سيكون بمثابة سم مميت لهذا الكيان الغاصب.