الحريري كرئيس للحكومة.. بحث عن تسوية مع باسيل والباب مفتوح أمام اتفاق مع “حزب الله”

كتب منير الربيع في صحيفة “المدن” تحت عنوان “الحريري كرئيس للحكومة: تواطؤ حزب الله والمجتمع الدولي؟”: “وضع سعد الحريري نفسه بين منزلتين: البحث عن تسوية مع حزب الله وميشال عون وجبران باسيل، لتكليفه بتشكيل الحكومة، والتفاوض على تأليفها من حيث انتهت إليه مفاوضات مصطفى أديب.. أو إبقاء تشكيل الحكومة رهن تطورات خارجية وحسابات أميركية، لأن لا أحد في لبنان يمتلك قرار تحديد المسار.

حزب الله والمجتمع الدولي
وزّع الحريري مواقفه على تناقضات متعددة: قال إن حزب الله صاحب مشروع خارجي، ولكن أبقى الباب مفتوحاً لعقد تسوية معه.
وفي معرض انتقاده حزب الله، انتقد الحريري المجتمع الدولي الذي ترك الحزب يقوى وغض النظر عن ممارساته وتوسع أدواره، ويريد من اللبنانيين الآن أن يواجهوه، فتنقاد البلاد إلى حرب أهلية، يرفضها الحريري ويريد التسوية.
ولا شك في أن عوامل التسوية لا تتوفر من دون ظروف خارجية. وهذا ما يراهن عليه الرجل. سواء بملف المفاوضات حول ترسيم الحدود، أو بممارسة الضغط على إيران ليقدم حزبها تنازلات.

مهادنة عون وباسيل
وخيّر الحريري العهد وتياره بين التوجه شرقاً أو غرباً. وهذا يتصل بالتوجهات الدولية، وخصوصاً الأميركية حيال الوضع اللبناني.
وانطوى موقفه من التيار والعهد على انتقاد بسيط لجبران باسيل. وهذا يوحي كأنه يريد العودة إلى نسج تفاهم معه، وإن بشكل غير مباشر، يبقى معلقاً في انتظار ما يحمله المستقبل. وهو اعتبر أن مسألة مشاركة باسيل في الحكومة أصبحت وراءه. ولكنه يعلم أنه لا يمكنه تشكيل الحكومة من دون موافقة عون وباسيل معاً. وهذا يتطلب منه دفع ثمن مقابل.
وهو حمّل باسيل مسؤولية إفشال العهد والإضرار به، بسبب سياسته الإلغائية ضد المسيحيين الآخرين. وبهذا قفز الحريري فوق مواقف كثيرة قالها بحق باسيل، فوصفه بأنه “الرئيس الثاني”، والمستأثر والطائفي وصاحب النزعة التصعيدية، إلى جانب الخلافات حول ملفات الكهرباء والإدارة وغيرها. هذه كلها غابت عن كلام الحريري، فجاء انتقاده باسيل ملطفاً.

تناقضات الحريري
تبقى هذه الأمور كلها تفاصيل. ولا بد من العودة إلى الأصل، إلى قوله: “على التيار الوطني الحرّ أن يختار إلى أن يذهب، شرقاً أو غرباً”.
هنا في هذه المعادلة يبرز تناقض الحريري الثاني. إذا كان الأول هو اعتباره حزب الله صاحب مشروع خارجي ويريد التسوية معه. أما تناقض موقفه من التيار العوني فيقوم على طلبه منه عدم الاستمرار بالتحالف مع حزب الله، ومنحه الغطاء، وقراءة الطالع الأميركي والضغوط والتلويح بالعقوبات، والتعاون على إحراج حزب الله وإجباره على تقديم تنازلات.
وهذه فكرة كان الحريري يسوّقها دولياً وإقليمياً، عندما جال العالم باحثاً عن غطاء للتسوية الرئاسية لانتخاب عون، معتبراً أنه بهذه الخطوة يخرج عون من حضن الحزب وعباءته.
وفي المعادلتين المتناقضتين وضع الحريري نفسه أسير رئاسة الحكومة لا غير. فهو يبحث عن تكليفه في الاستشارات التي تحصل الخميس المقبل، ويبنى على مفاوضات التأليف من حيث انتهى مصطفى أديب.
المفاوضات ستكون شاقة للاتفاق على شكل الحكومة، في حال تطبيق المعادلة الأولى. إذا كان الحريري يراهن على موافقة أميركية ضمنية، بعد مفاوضات ترسيم الحدود، يعني أن حزب الله سيأخذ ما يريد من حيث الشكل والمضمون في تسمية الوزراء الشيعة، بإيجاده صيغة التفافية على الطريقة اللبنانية.
أما إذا ذهبت الأمور في اتجاه المعادلة الثانية، أي الاتفاق بينه وبين عون وباسيل والاستفادة من لحظة إحراج الحزب، فعندها لن يقدّم حزب الله أي تنازل لهما. وهذه مسألة حتمية ويقينية، طالما أن الحزب لم يقدم التنازل للفرنسيين، وهو لا يريد إلا التفاوض مع الأميركيين.

إلى ما قبل 17 تشرين
لم يوفر الحريري الحزب التقدمي الاشتراكي ووليد جنبلاط، ولا سمير جعجع، من الانتقاد. ولا بد من معرفة موقف الحزبين من تسميته أو تكليفه. وهذا يرتبط أيضاً بأجواء خارجية وقراءة للمرحلة المقبلة. وفي حال رفض الحزبان التصويت للحريري، فهل يقبل أن يتكلف برئاسة حكومة بأصوات حزب الله والتيار العوني؟ موافقته تعني أنه ارتضى ترؤس حكومة سيكون مصيرها كمصير حكومة حسان دياب.
أما إذا وافق كل من الاشتراكي والقوات على تسميته، فيعني أن التغير حصل على الصعيد الدولي والإقليمي. وهذا يعني أن الشعارات الدولية التي طرحت سابقاً حول ضرورة التغيير ومحاربة الفساد، قد انتهت بمفاوضات ترسيم الحدود، وعادت قواعد اللعبة بغطاء دولي إلى ما قبل 4 آب، وما قبل 17 تشرين”.

Exit mobile version