سيناريوهات غامضة تنتظر الإستشارات الأسبوع المقبل

-عبد الكافي الصمد-سفير الشمال

بعد 11 يوماً مرّوا على تقديم الدكتور مصطفى أديب إعتذاره عن تأليف الحكومة في 26 أيلول الماضي، إثر مرور 27 يوماً فقط على ذلك التكليف، أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون، أول من أمس الأربعاء، موعداً جديداً للإستشارات النّيابية الملزمة في 15 تشرين الأول الجاري، من أجل تكليف شخصية جديدة تأليف الحكومة العتيدة.

هذا المتّسع من الوقت الذي أعطاه عون للكتل النيابية أراد به، وفق مصادر مقربة منه، ضرب عصفورين بحجر واحد: الأول منح النوّاب القدر الكافي من الإتصالات قبل أن يتوصلوا إلى توافق على إسم الشخصية التي سيكلّفونها؛ والثاني الردّ على منتقدين كثر معارضين له إتهموه، مباشرة أو مواربة، بأنّه بتأخيره موعد الإستشارات فإنّما يرتكب مخالفة دستورية، فكان أن رمى الكرة في ملعبهم.

لكن هل فترة الأيّام الثمانية التي فصلت بين الدعوة للإستشارات وموعد إجرائها ستكون كافية للخروج باسم شخصية مكلّفة متوافق عليها، وأن تستطيع تأليف الحكومة بسرعة، وأن لا تتكرر تجربة مصطفى أديب مرة ثانية، وكذلك أن يعطي التوافق على التكليف والتأليف صدمة إيجابية تسهم في إخراج البلد من أزماته الإقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة التي يغرق بها؟

لا أجوبة واضحة على هذه الأسئلة وغيرها، لكنّ أكثر من سيناريو يُرسم منذ الآن لما يمكن أن يحصل يوم الخميس المقبل، من أبرزها:

أولاً: يتوقع البعض، من باب الأمل أكثر من زاوية إمتلاكه معلومات مؤكدة، أنّ يوم الخميس المقبل سيشهد تكليف شخصية سياسية متوافق عليها لتأليف الحكومة، وأنّ هذه الشخصية سوف تؤلف الحكومة بسرعة، متكلة على دعم دولي وإقليمي، وتحت ضغوط الأوضاع التي تزداد تأزّماً في لبنان، بهدف العمل على معالجتها وتخفيف تداعياتها. إلا أنّ هذا السيناريو يعتبر، حتى الآن، الأضعف.

ثانياً: أن تخرج الإستشارات بتسمية شخصية سياسية تُكلّف تأليف الحكومة، لكنّ هذه الشخصية يُنتظر أن تواجه العقد والعراقيل التي اعترضت مصطفى اديب، سواءٌ ممن سمّوها في الداخل والخارج، أو عارضوها، الأمر الذي يعني أن تجربة مصطفى اديب قد تتكرر مجدّداً في الشكل وإنْ اختلفت في المضمون، ما يعتبر إستنزافاً للوقت الذي لم يعد اللبنانيون يتملكون ترفه. وهذا الإحتمال تبدو حظوظه حتى الآن ضعيفة أيضا، وإنْ كان كلّ شيء وارد.

ثالثاً: أن يضطر رئيس الجمهورية، بناء على اتصالات وتمنيات مرجعية سياسية عدّة معه، وبسبب إعلان بعض الكتل مقاطعتها الإستشارات، لأسباب مختلفة، إلى تأجيل موعد الإستشارات إلى موعد لاحق، بانتظار مزيد من التشاور وإلى حين التوافق على الخطوط العريضة لإسم الشخصية المُكلّفة والحكومة المقبلة، لأنّ إجراء الإستشارات وسط هذه الأجواء سوف يدفع البلاد نحو مزيد من التأزّم والتصعيد والإنهيار على كلّ الصعد.

وإذ يبدو حتى الآن أن الإحتمال الثالث هو الأكثر ترجيحاً، تجنّباً لمزيد من الإنقسام الذي يُهدّد الكيان الهجين بعد مرور 100 عام على ولادته، فإنّ الأجواء الملبّدة المحيطة بمصير البلد تزداد قتامة، وهو ما بات يُردّد في السّرّ والعلن، والتي أعلن عنها بوضوح مؤخراً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان الذي حذّر من “إختفاء لبنان”، والتي كان آخرها ما جاء على لسان أوساط مسؤولة في الإتحاد الأوروبي حذّرت من أنّ “إستمرار الوضع في لبنان على ما هو عليه، لا يهدّد الوجود اللبناني في الحاضر فقط، بل في المستقبل”، ومنبّهة من أنه “إذا لم يفعل شيئاً (لبنان) فإنّه ذاهب إلى الإنهيار الكلّي”، ومرجّحة أنّ “عمر لبنان يصبح قصيراً يوماً بعد يوم”.

Exit mobile version