يتساءل جميع النشطاء والمتظاهرين العراقيين لماذا تلتقي بلاسخارت، باسم الأمم المتحدة، المحمداوي؟ (مواقع التواصل الاجتماعي)
جراء التراكمات المثيرة التي فعلتها رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جنينن هينيس بلاسخارت، لدرجة أنها أشعلت غضباً عراقياً واسعاً، إذ في الثاني من الشهر الحالي التقت برئيس كتائب “حزب الله” عبد العزيز المحمداوي الملقب بـ “أبو فدك”، وهذا الفصيل مصنف على قائمة الإرهاب الأميركي.
وأصدرت “هيئة الحشد الشعبي” التي تضم فصائل موالية لإيران، ومنها كتائب “حزب الله” و”العصائب” و”النجباء” و”بدر” و”كتائب علي بن أبي طالب” و”الخراساني” وغيرها، بياناً جاء فيه أن المحمداوي استقبل بلاسخارت في مقر الهيئة ببغداد، وبحث معها التطورات الأمنية.
ويشغل المحمداوي منصب نائب رئيس هيئة أركان الحشد الشعبي، خلفاً لأبي مهدي المهندس الذي تمت تصفيته مع رئيس فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وآخرين، في الثاني من يناير (كانون الثاني) هذا العام، بضربة أميركية على طريق المطار في بغداد، لمنعهم من تنفيذ عمل إرهابي خطير ضد الوجود العسكري الأميركي في العراق.
وتنص بعض المصادر على أن المحمداوي هو الرجل ذاته الذي أطلق عليه لقب “الخال” الذي كتب على جدران السفارة الأميركية في بغداد، إثر الهجوم عليها في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2019، من قبل مئات من عناصر الحشد الموالية لإيران، إذ بعد انسحاب مهاجمي السفارة في اليوم الأول من مطلع العام الحالي، انتشرت صور لشعارات كتبت على سور المبنى بينها صورة لشعار “الخال مر من هنا” على أحد جدران السفارة، في إشارة واضحة إلى أن المحمداوي نفسه أشرف على العملية الهجومية.
وقبل ثلاثة أسابيع من الهجوم على السفارة الأميركية في بغداد، تحديداً في السادس من ديسمبر (كانون الأول) 2019، كانت هناك لافتة عريضة كتب عليها “الخال” في بناية مرآب السيارات المطلة على ساحة السنك، وتناقلتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وفي ذلك اليوم تم ارتكاب مجزرتي ساحتي “السنك” و”الخلاني” على أيدي أتباع “الخال” أو المحمداوي، وذهب ضحيتها 23 متظاهراً، و100 إصابة بين الشباب المحتجين سلمياً.
يشار إلى أن المحمداوي يدير أحد معتقلات كتائب “حزب الله” في منطقة جرف الصخر التابعة لمحافظة بابل وسط العراق، كما يتهمه العراقيون بارتكاب جرائم قتل واختطاف، وعمليات اغتيال وتصفيات للشباب المنتفض ضد الفساد والبطالة والتأخر والهيمنة الإيرانية.
ومن هنا، يتساءل جميع النشطاء والمتظاهرين من العراقيين، لماذا تلتقي بلاسخارت، باسم الأمم المتحدة، المحمداوي، وتضفي عليه شرعية وهو القاتل الموالي لإيران؟ ومن مبدأ السخرية أطلقوا عليها في مواقع التواصل الاجتماعي وسم “الخالة أم فدك”، وكذلك نعتوها بصفات منها “بلاسخارت عدوة الإنسانية”، ونشروا صورة تركيبية نصفها بلاسخارت ونصفها الآخر المجرم الإرهابي قاسم سليماني، وصورة أخرى، وضعوا فيها بلاسخارت بزي حرسي، ورتبة كبيرة في الحرس الثوري الإيراني.
وفي التظاهرات التي جابت شوارع العاصمة بغداد، كان المتظاهرون يهتفون بصوت عال “الخالة أم فدك، باطل” و”الخالة وربعه، باطل”، يقصدون فصيل “ربع الله” الذي أقر بأنه قصف السفارة الأميركية في بغداد.
إن هذا السخط الشعبي ضد أفعال ممثلة الأمم المتحدة جنين بلاسخارت لن يهدأ، بل سيتفاقم أكثر فأكثر، لاسيما وأنها تلتقي مع جهات لا تمتلك سلطة قانونية أو مسؤولية حكومية، كما التقت أكثر من مرة المرجع الديني علي السيستاني، لتناقش معه قضايا ومستقبل العراق، وهو إيراني مقيم في العراق من جهة، ومن جهة أخرى هو مرجع لطائفة واحدة فقط، وليس ممثلاً لجميع الطوائف والمذاهب والأديان داخل العراق.
وبذلك، فإن المحتجين والمعتصمين من الشباب المنتفض يطالبون بطرد بلاسخارت من العراق، ويريدون من بعثة الأمم المتحدة أن تتدخل لإزاحة هذه الممثلة التي تحابي وتجتمع مع قتلة الشعب العراقي، خصوصاً وأنها وجهت في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 في تغريدة لها، انتقادات للمحتجين بذريعة قطع الطرقات وتعطيل البنية التحتية الحيوية في البلاد، في حين أن الحقائق على أرض الميدان مغايرة تماماً.
وتجاه هذا السخط الشعبي المتنامي، لم يصدر أي تعليق أو تعقيب لحد كتابة هذه السطور، من بعثة الأمم المتحدة في العراق بشأن اللقاء الذي جمع بلاسخارت برئيس كتائب “حزب الله” عبد العزيز المحمداوي.
إن الهولندية جنين بلاسخارت التي تم تعينها رئيسة لبعثة الأمم المتحدة لدى العراق في الأول من سبتمبر (أيلول) 2018، خلفاً للسلوفاكي يان كوبيتش، كانت وزيرة دفاع بين 2012 و2017، واستقالت من منصبها في أكتوبر 2017، بعد أن أظهرت نتائج التحقيق وجود تقصير خطير تسبب بمقتل جنديين هولنديين من القبعات الزرق في مالي، وإصابة ثالث في انفجار عرضي لقذيفة هاون خلال مهمة تدريب عام 2016.
كما اعترفت أخيراً وزارة الدفاع الهولندية بقتل مدنيين أثناء غارة جوية لطائرة حربية تابعة لها على منطقة الحويجة عام 2015. وكذلك أكدت وزارة العدل الهولندية أن ضربة جوية استهدفت مدينة الموصل في 20 سبتمبر 2015، أسفرت عن مقتل أربعة مدنيين أيضاً. في بادئ الأمر، حاولت بلاسخارت التملص من هذه المسؤولية، لكنها لم تفلح فاضطرت للاستقالة.
إن الإخفاق الوظيفي الحالي لبلاسخارت تتضح له صلة بماضيها العملي أيضاً، ما يبرر غضب المحتجين العراقيين المتضررين من أفعالها، وأن يتمسكوا أكثر بطردها من العراق، وعلى بعثة الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش ضرورة إعادة النظر في ممثلتهم، تفادياً لسخط شعبي متصاعد.