أعلنت أذربيجان أمس الثلاثاء أنها أحبطت هجوما للجيش الأرمني على خط أنابيب نفط يربط بين أراضيها وجورجيا وتركيا.
وفي التفاصيل أنّ النيابة العامة الأذرية أصدرت بياناً جاء فيه أنّ الجيش الأرمني أطلق قذيفة على خط أنابيب “باكو-تبليسي-جيهان-بي تي-جي” في القسم المار من مدينة “يولاخ”، إلا أن الجيش الأذري تمكن من صد الهجوم.
وأضاف البيان أن هذا الخط يعتبر مشروعا إستراتيجيا ضخما ذا أهمية كبيرة بالنسبة لأمن الطاقة الأوروبي، واصفة هجوم الجيش الأرمني بـ”العملية الإرهابية”.
تحرك كثيف لتركيا
بدوره، اعتبر رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان الثلاثاء في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أن تجدد المعارك في إقليم ناغورني قره باغ سببه الدعم التركي لأذربيجان، منددا بما اعتبرها “حربا إرهابية على شعب يناضل من أجل حريته”.
وقال باشينيان (45 عاما) في القصر الحكومي في يريفان “لولا التحرك الكثيف لتركيا لما بدأت هذه الحرب، إذا كان صحيحا أن سلطات أذربيجان تبنت بشكل كثيف في الأعوام الـ15 الأخيرة خطابا حربيا فإن قرار بدء الحرب سببه الدعم التام لتركيا”.
وأضاف “ليس الأمر مجرد تصعيد جديد في ناغورني قره باغ، إنها عملية يطبعها تحرك كثيف لمجموعات إرهابية تنحدر من الشرق الأوسط في منطقة النزاع”، مما يعني أن الحرب باتت “عملية لمكافحة الإرهاب”.
ورأى باشينيان أن بلاده هي “الحاجز الأخير” أمام ما سماه “التمدد التركي”، وقال “إذا كانت أوروبا غير قادرة على تسمية هذا الوضع باسمه فليس أمامها سوى انتظار تركيا قرب فيينا”، في إشارة إلى سيطرة الدولة العثمانية على العاصمة النمساوية في القرن الـ17.
وأبدى باشينيان ثقته بأن روسيا ستمد يد المساعدة لأرمينيا إذا تعرضت لهجوم مباشر داخل أراضيها، وذلك التزاما بالتحالف العسكري القائم بين البلدين بموجب معاهدة. باشينيان إن بلاده مستعدة لتقديم تنازلات في نزاعها مع أذربيجان بشأن ناغورني قره باغ بشرط وجود نية مماثلة لدى باكو.
وقال باشينيان إن “النزاعات يجب أن تحل بناء على تنازلات متبادلة”، مضيفا أن “ناغورني قره باغ مستعد وأرمينيا مستعدة لتقديم تنازلات مقابل تلك التي تبدي أذربيجان استعدادا لتقديمها”.
هذه أسباب عدم استجابة روسيا لدعم أرمينيا
أكد أندريه فيدروف نائب وزير الخارجية الروسي السابق أنه رغم وجود اتفاقية للتعاون العسكري بين روسيا وأرمينيا، فإن موسكو لا تستطيع التدخل عسكريا لدعم حليفتها أرمينيا في حربها مع أذربيجان.
وأوضح فيدروف أن الاتفاقية المبرمة بين البلدين تتيح لموسكو التدخل عسكريا، في حال تعرضت أراضي أرمينيا لعدوان خارجي، وهو أمر لا ينطبق على الواقع الحالي للحرب الدائرة على أراضي إقليم ناغورني قره باغ، الذي لا يعد أرضا أرمينية.
كما أكد المسؤول الروسي السابق أن كل المعلومات التي لدى موسكو تؤكد أن تركيا لم تتدخل حتى الآن عسكريا في الحرب المشتعلة بين الجارتين؛ أرمينيا وأذربيجان، وأن كل دعمها لأذربيجان اقتصر على الدعم السياسي والدبلوماسي فقط.
وحسب فيدروف، فإن روسيا لا تفضل التدخل عسكريا في هذا النزاع، لأنه “سيزيد الموقف تعقيدا”، كما أنه سيسبب لها مشاكل مع دول أخرى.
ونفي فيدروف أن تكون مصالح روسيا الاقتصادية، وخوفها من خسارة صفقات السلاح مع أذربيجان، أو غضبها من القيادة الحالية لأرمينيا التي تتهمها موسكو بالموالاة أكثر للغرب؛ سبب عدم التدخل الروسي حتى الآن في الحرب، مشيرا إلى أنه على الصعيد الشبعي فإن الروس مؤيدون لأرمينيا، ومتعاطفون معها، وليسوا مع أذربيجان.
أما الكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل كايا فاستبعد أن تنجر موسكو للحرب الدائرة بين البلدين، مؤكدا أن الوضع مختلف عما جرى في سوريا، حيث أرسلت روسيا قواتها بناء على طلب من الرئيس السوري الذي تدور المعارك على أرض بلاده، وهو أمر لا ينطبق على أرض المعركة بين أذربيجان وأرمينيا، حيث إن إقليم قره باغ ليس أرضا أرمينية، بل هو أرض أذرية. كما شدد كايا على عدم حاجة أذربيجان لاستدعاء القوات التركية، إذ إن قدراتها العسكرية تفوق بمرات كثيرة القدرات الأرمينية، التي اتهمها بجلب المرتزقة من كل أنحاء العالم.
السيناريوهات المستقبلية
أكد الخبير العسكري والإستراتيجي معن أبو نوار أنه لا يرى في الأفق أي حل قريب، في ظل تمسك طرفي الصراع بمواقفهما، لكنه أشار إلى تفوق أذربيجان العسكري، الأمر الذي يمكّنها بعد فترة من المعارك من تغيير الواقع على الأرض لصالحها، ومن ثم إجبار أرمينيا على الجلوس على طاولة المفاوضات.
أما كايا، فأكد أن أذربيجان وتركيا لن تقبلا دعوات المجتمع الدولي لوقف فوري لإطلاق النار، من دون أن يتم حسم الموضوع، مؤكدا أن المجتمع الدولي لم يستطع خلال 28 عاما حسم قضية احتلال أرمينيا لإقليم قره باغ الأذري، وأنه رضي بجعل هذه القضية في حالة ركود طوال هذه السنوات، وهو أمر لن تقبله أذربيجان مجددا، فهي حركت المياه الراكدة وتريد حسم هذه القضية.
أما فيدروف فرأى أن قبول وقف إطلاق النار هو الطريق الأسلم لحل هذه المسألة، وبعد ذلك يذهب الطرفان للمفاوضات لحل الخلاف بينهما سياسيا.
وخلفت المعارك المستمرة في قره باغ منذ 10 أيام ما لا يقل عن 286 قتيلا بحسب أرقام جزئية، ويؤكد كل من طرفي النزاع تكبيد الآخر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ويتهم كل منهما الآخر باستهداف مناطق مدنية.
وفي وقت سابق، دعت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى وقف “غير مشروط” لإطلاق النار، وهي دعوة كررتها الثلاثاء بريطانيا وكندا اللتان أبديتا قلقا بالغا إزاء قصف المناطق السكنية.
المصدر: وكالات