-ديانا غسطين-سفير الشمال
هي الأزمة الاقتصادية التي ترخي بثقلها على اللبنانيين منذ نحو عام، وتضاعف من تداعياتها الكارثية المناكفات السياسية التي تؤثر سلباً على عملية تشكيل حكومة جديدة تقوم بالاصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد، والتي تمنع أيضا تفعيل عمل حكومة تصريف الاعمال.
وحده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خرج ليقول: “إن الأزمة الحادة باتت وراءنا وأن مصرف لبنان ولجنة الرقابة سيقومان بكل الاجراءات المتاحة قانونا، لاعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد، فالرسملة والسيولة أساسية لتمويل الاقتصاد، وإستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه”.
كلام سلامة الذي جاء خلال اللقاء الشهري الذي عقد في الأول من تشرين الأول الجاري بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة وجمعية المصارف، كاد أن يمر مرور الكرام لولا ردود الفعل التي تناولته من قبل ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي الذين رحب بعضهم بهذا الكلام، فيما إنتقده البعض الآخر.
ولكن، ماذا في الخلفية الحقيقية لكلام الحاكم، وماذا قصد بقوله هذا؟..
في السياق، يرى الخبير الاقتصادي باتريك مارديني أن “طبيعة عمل حاكم المصرف المركزي في أي بلد في العالم هو بث الطمأنينة في نفوس الناس. فعندما يخاف الناس يهرعون لاستبدال العملة الوطنية بالأجنبية (اي تحويل الليرة اللبنانية الى الدولار الأميركي)، ما يؤدي الى تدهور سعر صرف العملة، وبالتالي من واجب الحاكم ان يطمئن الناس”.
ويضيف: “ما قاله حاكم مصرف لبنان يصب في هذا الاتجاه. اي تطمين الناس وتطمين الاسواق من اجل التخفيف من حالات الهلع التي يمكن ان تحصل والتي تؤدي الى ضغط متواصل على الليرة اللبنانية”.
ويشدد مارديني على انه “لا يدري مدى استناد الحاكم الى الواقع”، بل برأيه أن “الازمة الحادة ليست وراءنا. صحيح ان جزءاً كبيراً منها صار وراءنا ولكن ما زال هناك جزء امامنا، ونحن لن نخرج منها دون القيام بالاصلاحات اللازمة”.
اذاً بين عملة وطنية متدهورة، ودولار متقلب بثلاثة اسعار وأكثر، وغيبوبة كاملة للدولة، يخرج حاكم مصرف لبنان ليعطي المواطنين جرعة “مورفين” بدل العمل على التخفيف من حدة الأزمتين المالية والاقتصادية. وكأن المواطنين لا يكفيهم ما سمعوه حتى الآن من اقوال غير مقرونة بالافعال او ما عاشوه من ذلّ على ابواب المصارف وهم يحاولون الحصول على جنى عمرهم، وحده الدعاء سيد الموقف عسى ان تنفرج الازمة هذه ويستعيد اللبنانيون بعضاً من انفاسهم.