“صواريخ” نتنياهو.. حنكة أم غباء
وصفي الأمين-وكالة نيوز
لماذا يحاول الإسرائيليون الإيحاء بأن نتنياهو كذب بشأن الزعم بوجود مخزن صواريخ في منطقة الجناح في بيروت؟
أن يؤكد نتنياهو في خطاب أمام الأمم المتحدة، موجه لقادة العالم، وعلى الهواء مباشرة، أمام مئات ملايين المشاهدين، أن يؤكد دقة هذه المعلومة المحددة بتفاصيل “واضحة” ومملة، أمر لا يمكن لنتنياهو أن يتعمد الكذب فيه، بل هو كان واثقاً بشدة من دق “المعلومة”. فهو يعلم أن الحزب سيفند ويثبت ويفضح كذبه بسهولة، وعلى الهواء مباشرة، أيضاً. كما حصل بالفعل، وكانت فضيحة مدوية عقَّدت وضعه المأزوم أصلاً، وعمقته.
إذاً هو كان واثقاً من دقة المعلومة، ومن مصدرها الموثوق جداً بالنسبة إليه، وهي أجهزة المخابرات الإسرائيلية، وربما أجهزة أخرى.
السؤال هنا، لماذا يصر الإعلام الإسرائيلي على أن نتنياهو تعمد الكذب؟
ربما يكون الجواب في أن المأزق أبعد من معلومة كاذبة رماها نتنياهو بسذاجة. فعلى الأغلب أن المخابرات زودته بهذه المعلومة، وهي تعتقد أنها دقيقة، وتشكل صفعة للحزب. ولكن تبين أنها غير دقيقة، بل هي غير صحيحة.
وهنا كانت المفاجأة الفضيحة، فالأجهزة الإسرائيلية، بدت مصابة بالعمى أو الغباء، أو مخدوعة بشكل مضحك. وهذا ما تحاول وسائل الإعلام الإسرائيلية إخفاءه والتغطية عليه، بالتركيز على أن نتنياهو كذب.
ما الذي يعنيه ذلك؟
هذا يعني أن الإسرائيليين باتوا أكثر توتراً، فما حصل يشير إلى تخبط استخباراتي، وبدل أن تضيئ تلك الأجهزة على النقاط المعتمة لدى الخصم، وهو هنا الحزب، زادت الفضيحة، تلك النقاط عتمة وظلاماً. فكيف بإمكان قوات الاحتلال، بعد ما حصل، أن تثق ببقية المعلومات الاستخبارية “الدقيقة” التي زودتها بها أجهزة الاستخبارات، أو على الأقل بمعظمها. خصوصاً أنهم ما زالوا يستخلصون العبر من حرب عام الفين وستة، حيث اعتقدوا أنهم دمروا تسعين بالمئة من مخزون الصواريخ لدى الحزب، في الأيام الثلاثة الأولى، ليكتشفوا سريعاً أن إخفاقهم كان ذريعاً.
وبالتالي فإن الخلاصة التي، ربما، وصلت إليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، هي أن معلوماتهم مشكوك فيها، ولا يمكن الاعتماد عليها، ما يعني أن أي حرب يشنونها على لبنان، ستكون كارثة يصعب تحملها.
ومن المستبعد أن تكون الأجهزة الاسرائيلية قد خدعت نتنياهو في لعبة انتخابية، فالصفعة أبعد من الحسابات الانتخابية، إنها تصيب الوعي لدى الجمهور الصهيوني، وتكويه في العمق. أجهزة الاستخبارات بالنسبة لهذا الجمهور، أكثر أهمية وحساسية من الجيش نفسه، إنها عقله وعيونه وحواسه الست، وأي شك فيها وفي قدراتها، حتى ولو كان في غير محله، يشكل خطراً على البنية النفسية والمعنوية في هذا الكيان.
يبقى أن نواجه محاولات الإعلام الإسرائيلي، وإعلام الأعداء والخصوم، لحرف انتباهنا عما ينبغي علينا التركيز فيه والإضاءة علية، مواجهةً ممنهجةً، ومن غرفة، بل من غرف سوداء يجب على المحور تأسيسها، لإدارة الحرب الإعلامية، بدلاً من الشكوى من الغرف السوداء لدى الخصوم والأعداء.