الترسيم بين مبادرة ماكرون والعقوبات الأميركية
“ليبانون ديبايت” – فادي عيد
يرتدي التقدّم الذي جرى الإعلان عنه بالأمس في ملف ترسيم الحدود البرّية والبحرية مع إسرائيل، طابعاً مختلفاً في هذه المرحلة عن كل المراحل السابقة، خصوصاً وأن رئيس مجلس النواب نبيه بري، هو الذي كشف عن إنجاز هذا التقدّم، وذلك على الرغم من التعثّر الذي تشهده عملية تأليف حكومة جديدة في موازاة تنامي الأزمات المالية والإقتصادية.
وفي هذا المجال، ترى مصادر نيابية مطلعة، أن تسليط الأضواء محلياً وخارجياً على ملف ترسيم الحدود في ظل الخطوات التي تحقّقت أخيراً، يؤشّر إلى “تهدئة” كل الإتصالات الجارية من أجل التغيير الحكومي، وتشكيل حكومة جديدة تنفّذ خارطة الطريق الإصلاحية التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت، والإنتقال إلى اتصالات من نوع آخر لا تحمل في طياتها العِقَد التي حالت دون مواصلة مصطفى أديب لمهمته الحكومية، ذلك أن المفاوضات التي ستبدأ مع وصول وفد أميركي إلى بيروت في الأيام القليلة المقبلة، ستطلق مساراً جديداً للعملية “الحدودية”، في ظل معلومات عن أن التلازم في ترسيم الحدود البرية مع الحدود البحرية لن يكون ممكناً في الظروف الراهنة، حيث يتم التركيز على تحقيق تقدّم نوعي ذات طابع إيجابي يساعد على فتح نافذة في جدار اليأس والأزمات المستعصية على كل المستويات السياسية والإجتماعية على الساحة اللبنانية.
وتقول هذه المصادر النيابية، أن الترابط الذي يجري الحديث عنه ما بين الأزمة الحكومية ومبادرة الرئيس ماكرون والعقوبات الأميركية الأخيرة، لا ينطبق على الواقع الفعلي لملف ترسيم الحدود، خصوصاً وأن الهدف يتخطى موضوع الحدود إلى موضوع الثروة النفطية، والتي من الممكن التعويل على أي تقدم بشأنها كونه سيشكل انفراجاً، ولو من الناحية المعنوية حالياً، يخفّف من سوداوية المشهد الداخلي المأزوم بسبب عدم وجود أي بصيص أمل بشأن تحقيق تقدّم في الملف الحكومي في الوقت الراهن، وحتى في الأسابيع الستة المقبلة التي تحدّث عنها الرئيس الفرنسي يوم الأحد الماضي.
ومن ضمن هذا السياق، فإن المصادر النيابية المواكبة نفسها، تقول أن انطلاق عملية التفاوض برعاية أميركية وأممية بين لبنان وإسرائيل، يساعد على تراجع المناخات المتشنّجة مع واشنطن، وتحديداً مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، وبالتالي، تخفيف الضغط الأميركي على لبنان في اللحظة الحالية بشكل خاص.
وفي هذا المجال، فإن المرحلة المقبلة مرشّحة لأن تشهد توقيع اتفاق إطار مبدئي في الملف الحدودي، ولو أن الإنجاز الفعلي لن يتحقّق قبل أشهر عدة. والثابت، كما تشير المصادر ذاتها، أن الخطوات الجديدة التي كشف النقاب عنها الرئيس بري بالأمس، هي مقدّمة لاتفاق الإطار، بصرف النظر عن عنصر التلازم في المسارين البري والبحري، ومن شأن هذا التطوّر أن يحمل في طياته خطوات موازية قد تأخذ منحى تصعيدياً، وذلك وفق إيقاع المفاوضات التي ستبدأ قريباً جداً.