“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
على خطّ المساعي الرامية إلى إنهاء ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والعالق منذ العام 2007، أعلن رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي منذ يومين خلال مؤتمره الصحافي، البدء بالتفاوض غير المباشر برعاية ووساطة أميركية وتحت أنظار الأمم المتحدة. وأبرز ما جاء على لسان برّي، أنه في حال نجاح المفاوضات، فإن لبنان سيتمكّن من سداد ديونه من خلال التعويل على البلوك 8 و9، وبهذا يكون برّي قد حدّد بشكلٍ مُسبق، لبنانيّة هذه المساحة البحريّة.
في البداية، لا بدّ من قراءةٍ مُلخّصة لواقعِ النزاع الحدوديّ البحري مع العدو الاسرائيلي والذي بدأ بعد توقيع الحكومة اللبنانية في العام 2007 اتفاقية مع الجمهورية القبرصية حول ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة وذلك بهدف البدء باستغلال الموارد الطبيعية في المياه البحرية لكل من الدولتَين. ويُسجّل للرئيس بري، دور أساسي في الجهود التي أوصلت إلى إتفاق الإطار بعد ان كانت إسرائيل تسعى للإستيلاء على شريط تقدّر مساحته بـ863 كيلومتراً مربعاً في البحر من ملكية لبنان.
في قراءة لإتفاق الإطار الذي تحدّث عنه الرئيس بري، وصفته اكثر من جهة داخلية على أنه “رشوة” قدمها الإيراني للأميركي ومحاولة لابتزاز الفرنسي. ورأت أن الخطورة في هذه “اللعبة” أن كل المنطق الذي بنت عليه ايران و”حزب الله” سياساتهما قد سقط، لأن الإتفاق ينصّ على ترسيم الحدود البحرية والبريّة، وهذا اعتراف علني بأن هذه الحدود تابعة لإسرائيل، ممّا ينفي كل المبررات التي يحتفظ من خلالها حزب الله بسلاحه، اللهم إلا إذا كانت مُهمّة هذا السلاح، هي للداخل فقط. ودائماً بحسب وجهات نظر بعض الآراء الداخلية.
وترى الجهات نفسها، أن الإتفاق الذي أعلنه الرئيس برّي، قد ألغى ما كانت تُسمّيه ايران “فلسطين المُحتلة” بعدما اعترفت بالحدود الإسرائيلية وجميعنا يعلم انه لولا أن هناك قبول وموافقة إيرانية حول إتفاق الإطار، لما كان حصل.
هذا الكلام لا يُلغي بكل تأكيد، أن الرئيس برّي كان حذّر أكثر من مرّة، من مسارات أو مخطّطات عدة يُمكن أن تلجأ اليها اسرائيل بهدف الإستيلاء على مساحات لبنانية. وحذّر خلالها من ان خطوات كهذه يُمكن أن تكون بمثابة شرارة حرب مع التأكيد بأن لبنان سيتصدى لأي خطوات من هذا النوع.
وفي السياق نفسه، يردّ عضو كتلة “التحرير والتنمية” النائب أيوب حميّد على وجهات النظر الأخرى بـ “أن إتفاق الإطار هو إنجاز يُسجّل لكل اللبنانيين وليس لفئة واحدة، وقد أتى بعد مخاض عسير من المفاوضات غير المباشرة حاول خلالها الإسرائيلي الإلتفاف أكثر من مرّة والتنكّر لسيادتنا، لكن بفضل إصرار اللبنانيين على إستعادة كامل حقوقهم في أرضهم ومياههم الإقليمية. كما أنه لا يُعقل بموضوع يتعلق بترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان أن لا يكون لأي لبناني اهتماماً بالمتابعة، فكيف بالحري بالرئيس بري!”.
وبمعنى آخر، فإن الرئيس برّي الحريص على “كل قطرة مياه وحبة تراب من أرضنا الوطنية” ومن موقعه الوطني، لا يُمكن إلا أن يكون متابع ومواكب وناصح وموجه في هذا الموضوع.
وشدّد حميّد على أننا “لا نَأمن للإسرائيليّ على الإطلاق، لأنه بطبعه غدّار وماكر وطمّاع ولذلك العين ستبقى على المفاوضات للوصول الى استخلاص الحق اللبناني في كامل المنطقة الاقتصادية وهذا الموضوع لا مجال للنقاش فيه. ونحن لا نزايد على لبنانية أحد وهو موضوع وطني. يُسجل للرئيس للرئيس بري، أن آناته وصبره ومتابعته الحثيثة لكل ما يتعلق بالسيادة الوطنية، هو الذي أفضى الى هذا الاتفاق. ويبقى على الجيش اللبناني مع الخبراء المختصّين ورجال القانون والذين يلمّون باتفاقية أعالي البحار، أن ينتصروا للبنان ويعيدوا اليه حقوقه المكتسبة.