كلير شكر-نداء الوطن
بعد طول انتظار أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن اتفاق – إطار لبدء المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية والبرية برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة الأميركية.
الانجاز المنتظر من هذا الاتفاق هو حماية البلوك رقم 9 الجنوبي من أي تعد قد تقدم عليه إسرائيل، بشكل يتيح لشركة “توتال” أن تبدأ أعمالها الاستكشافية في هذا المربع، بعدما أقفلت في شهر نيسان الماضي البئر الاستكشافية في المربع رقم 4.
يومها، وقع خبر مغادرة سفنية التنقيب كالصاعقة على رؤوس اللبنانيين ومسؤوليهم بعدما كانوا يتأملون أن تأتيهم الأخبار الايجابية من عرض البحر. المفارقة تجلّت يومها في أنّ شركة “توتال” لم تنتظر صدور نتائج دراسات التقييم، كما يفترض حصوله، لكنها سارعت إلى التأكيد أنها أنهت “حفر البئر بيبلوس 16/1 في البلوك رقم 4 على عمق 4076 متراً في المياه اللبنانية في 26 نيسان 2020، لافتة إلى أن البئر تقع قبالة الشاطئ اللبناني على بعد نحو 30 كيلومتراً من بيروت في أعماق مائية تقارب 1500 متر”.
وأشارت إلى أن “البئر عبرت طبقة الأوليغو- ميوسين الجيولوجية المستهدفة بالكامل، وقد لوحظت آثار للغاز، الأمر الذي يؤكد وجود نظام هيدروكربوني غير أنه لم يتم العثور على خزانات في تكوين تمار، الذي شكل الهدف الرئيسي لهذه البئر الاستكشافية”. ولفتت إلى أنه “استناداً إلى البيانات التي تم الحصول عليها أثناء الحفر، سيتم إجراء دراسات لفهم النتائج وتقييم احتمالات الاستكشاف عن كثب في البلوكين العائدين للائتلاف الذي تشغله توتال وفي المياه اللبنانية”.
وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على وقف العمل، لم تتسلم الدولة اللبنانية بعد نتائج هذه الدراسات، حيث يقول بعض العاملين في هذا المجال إنّ العينات التي أخذت من البئر لم ترسل إلى مختبرات الشركة إلا في شهر تموز، ما يعني تأخر المسار نحو ثلاثة أشهر، نظراً إلى اجراءات الاغلاق التي كانت تفرضها جائحة كورونا. ووفقاً للاتفاقية الموقعة مع الشركة، فإنّ المهلة الممنوحة لها تبقى سارية المفعول حتى شهر تشرين الثاني لتقديم البيانات التقييمية.
ويشير هؤلاء إلى أنّ اللغط الذي حصل يومها في وسائل الاعلام هو الذي دفع توتال وعلى نحو استثنائي إلى تسطير بيانها. ويسقط العاملون في هذا المجال، فرضية وجود خلفيات سياسية وراء اقفال البئر الاستكشافية، كاشفين أنّ شركة “توتال” اتخذت قرارها في بدء الحفر في المربع رقم 9، إلا أنّ الظروف الصحية التي يفرضها “كوفيد-19” هي التي تؤخر بدء الأعمال الاستكشافية، لا أكثر. ويضيف هؤلاء أنّ الأضرار التي تعرضت لها قاعدة الشركة والموجودة في مرفأ بيروت بفعل انفجار الرابع من آب، إلى جانب بعض المعدات التي كانت تستخدم في البلوك رقم 4، ستؤدي حكماً إلى تأجيل بدء أعمال الحفر الى حين تأمين المعدات البديلة وتحسن الظروف الصحية، مع العلم أنه قبل انتشار كورونا، كانت الشركة قد بدأت، بالفعل، استيراد ما تحتاج إليه للحفر في ذلك البلوك، بالتوازي مع إجرائها دراسة الأثر البيئي. أي أنها قطعت شوطاً في التحضير لحفر البئر.
ويؤكدون أنّ أعمال الحفر متوقفة تقريباً في كل العالم، حتى أنّ 150 دورة تراخيص من أصل نحو 160 دورة تمّ الغاؤها، فيما تمّ تأجيل الدورات الأخرى. وهذا ما يبرر تأجيل لبنان دورة التراخيص الثانية إلى وقت غير محدد، مع العلم أنّ أعمال الحفر التي كانت تقوم بها توتال في البلوك رقم 4، كانت من بين الانشطة النادرة الحاصلة على مستوى العالم بعد توقف هذا النوع من النشاطات الاقتصادية.
هذا وكان ينتظر أنّ تطلق دورة التراخيص الثانية المحددة في حزيران الماضي لتلزيم التنقيب في خمسة “بلوكات” من البحر اللبناني، بعدما وافق مجلس الوزراء على تقديم العروض وفضّها الكترونياً من خلال منصة الكترونية متخصصة وآمنة، بحيث تعطى كل شركة مهتمة كلمة مرور تسمح لها بالولوج الى المنصة وتحميل ملفاتها التقنية والمالية تباعاً، على أن تعود الشركات وتقدم ملفاتها يدوياً عندما تسمح الظروف بذلك. إلا أنّه تمّ تأجيل الدورة لوقت غير محدد.
يذكر أنّ الحكومة اللبنانية وقعت العام 2018 للمرة الأولى عقوداً مع ثلاث شركات دولية هي “توتال” و”إيني” الايطالية و”نوفاتيك” الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين 4 و9.