“ليبانون ديبايت” – وليد خوري
بالنيابة عنه، خرج رئيس مجلس النواب الى اللبنانيين بإعلانه عن اتفاق-اطار لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل، في سابقة قد يحولها الثنائي الوطني الى عرف مستقبلا، راميا كرة التفاوض في ملعب رئيس الجمهورية، التي سيخوضها “لا بالفارسي ولا بالعربي بل باللبناني” وفقا لرئيس حزب التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وبالاصالة عن نفسه، خرج الامين العام لحزب الله ليدلي بدلوه في سلسلة ردود على ما ساقه الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحافي من اتهامات بحق الثنائي الوطني، طارحا اسئلة لا يعرف هو نفسه الاجابة عليها بسبب ظروفه، شأنه في ذلك شأن السيد ماكرون الذي يجهلها بدوره، ذلك ان تقارير سفارته في بيروت تأتي دائما لصالح الحارة.اسئلة وحده الشعب اللبناني يملك الاجابات عليها، الشيعة قبل غيرهم.
فسواء كان كلام السيد صحيحا ام لا، فإن القاصي والداني داخل لبنان وخارجه، يعرف جيدا ان باريس اعجز عن “تعلية” سقفها اكثر تجاه حزب المقاومة، هي الممسوكة “بايدها يلي بتوجعها”. فرسالة تهديدكم المبطنة سبق ان وصلت، ترهيبا لدوريات اليونيفيل، التي باعتراف قواعدكم ومسؤوليكم يصنف جنودها رهائن “غب الطلب”، وفي مقدمتهم الفرنسيين.
بالتأكيد لن يزعل السيد نصر الله، مما قد يقرأه بعد ان اقر برحابة صدره وديمقراطيته، وان كانت الحاشية والمستفيدين لن يكونوا براضين. فما الذي قاله امين عام حزب الله وعلى ماذا ركز؟
يمكن ببساطة تفنيد ابرز النقاط التي قالها السيد :
– دفاعه “المستميت” عن رئيس الجمهورية وصلاحياته، متناسيا ان استراتيجية حزبه وسياسته استنزفت العهد ومستمرة في ضربها، لحسابات الحارة الضيقة، من منطق “تربيح الجميلة” بأنهم من اوصل العماد ميشال عون الى الرئاسة الاولى، في انتقاص واضح من الحقيقة. وهنا نسأل هل طلب منكم الرئيس عون بأن تخوضوا معركته الحكومية؟ ومن ابلغكم ان الرئيس كان خارج التفاوض؟ وبالتالي لمصلحة من تلطيكم خلف بعبدا؟ فهل هدفكم توريط الرئاسة اكثر مع الغرب؟ من الاخر، المسألة لم تكن مسألة دفاع عن الصلاحيات بل هي حجة اخترعتموها لتعطلوا التأليف بعدما تيقنتم من ذهاب “بي الكل” الى توقيع صيغة حكومية تراعي المعايير التي وضعها.
-نفي مسألة المداورة وعدم تطرق المبادرة الفرنسية لذلك. في المبدأ كلامه صحيح ولكن، حين تتحدث عن الديمقراطية وعن الحلول غير المعلبة، كيف لسماحتك ان تفرض ارادتك على كل القوى السياسية بما فيها الرئاستين الاولى والثالثة، ناسفا اي حل ليس سوى لانك وشريكك الرئيس بري لا تريدان المداورة خلافا للجميع؟
اما فيما خص تسمية الوزراء فيبدو ان مترجمك من نوعية المستشار الاول ذاتها، يحتاج الى من يترجم له. فباعتراف الرئيس ماكرون شخصيا ان التعهد الذي قطع في قصر الصنوبر هو ان تكون حكومة اختصاصيين لا يعين وزراءها الاحزاب او الطوائف كي لا يكونوا رهينة لهم فيتعطل عملها.
-الاصرار على الديمقراطية وعدم ارهاب الناس وسطوة السلاح، خلافا لكل الوقائع. فهل نسأل اصحاب قبل وبعد السحسوح عن ديمقراطيتكم؟ ام ردود فعلكم على البرامج التي تنتقدكم؟ ام رحابة صدركم ومؤيديكم بتخوين كل من يخالفكم الرأي؟ ام هو اليوم المجيد الذي احتليتم فيه بيروت بقوة الورد والرز، وتهديدكم بسابع من ايار مجيد “كلما دق الكوز بالجرة” ؟ ام “عنتريات” “فوج موبيلاتات الضاحية” الجاهز لقلب اي حدث ديمقراطي الى هرج ومرج واشكالات؟ واللائحة تطول وتطول وتطول.
-حديثه عن انقلاب على الاكثرية النيابية وتكريس اعراف جديدة، وهنا نسأل السيد، هل تركتم الرابع عشر من آذار تحكم يوم كنتم اقلية ام انكم انقلبتم بقوة السلاح لتفرضوا حكومات على قياسكم؟ اولستم انتم من ارسى الاعراف “الغريبة العجيبة” من الثلث الضامن في الدوحة بسطوة السلاح؟ اولستم من فرض عرف التكليف قبل التشكيل والاتفاق قبل التكليف “بتشبيح” قمصانكم السود الذي ما زال فعلها قائم حتى اليوم؟ اوليس فائض قوتكم من خلق المثالثة عرفا في الامن والسياسة والاقتصاد؟
-اعتباره وجود الثنائي في الحكومة لحماية المقاومة وخوفا على ما تبقى من لبنان. فعن اي لبنان تتكلمون، ذاك الذي حولتمونه الى جهنم؟ لبنان الذي استنزف بفضل سلاحكم ومشاريعكم الاقليمية؟ لبنان المعزول عن كل الخارج العربي والغربي والذي تريدونه فقط على حسابكم ايراني – سوري-صيني الهوى؟ لقد دمر مشروعكم الدولة بكل مقوماتها ومؤسساتها حيث اصبحت “على الحديدة” “يشحد” فيها اللبناني بفضلكم حتى لقمة الخبز وحبة الدواء وليتر البنزين والمازوت، بعدما فضلتم تهريبه الى “الشقيقة” وما بعد بعدها؟ وبعد كل ذلك تبررون نسف تشكيل الحكومة لمنع زيادة الضرائب وزيادة القيمة المضافة، التي هم في اساس مشروع حكومتكم الصرف اي حكومة الرئيس دياب.
-الامتعاض من اتهام حزب المقاومة بالفساد. هنا حدث ولا حرج. قد يكون السيد معذورا كونه لا يخرج كثيرا بسبب وضعه الامني، وقد يكون اكثر من محق اذا ما اعتبرنا ان الاتهام يطاله بالشخصي، ولكن هل تعلم يا سيد ماركات واسعار السيارات التي تستخدمها قيادات الحزب؟ هل يعرف المطاعم التي يرتادونها وجلسات السمر وكلفتها؟ هل تعلم يا سيد ان حزبكم يتواطئ مع بعض الامن، بشهادة حليفكم، لتهريب كل ما هو مدعوم من جيب اللبنانيين الى سوريا؟ هل تعلم يا سيد ان حزبكم يغطي قتلة الابرياء ذنبهم الوحيد ان لا ظهر لهم؟ هل تعلم يا سيد ان ثنائيكم الوطني يغطي اكبر مافيا فساد سياسية – امنية-قضائية – اقتصادية، لحساب دويلتكم على حساب الدولة، من المرفأ المدمر الى المطار ومرورا بما بينهما؟ هل تعلم يا سيد ان من يمثّلكم من موظفين في ادارات الدولة هم من اسوأ النماذج؟ هل تعلم يا سيد انه تحت عنوان تمويل مؤسسات حزبكم، التفافا على العقوبات الاميركية، ارتكب “المعاقب” علي حسن خليل مئات المعاصي؟ هل تعلم ان انسباء وزارئك باعوا اللبنانيين ماء على انه دواء سرطان وأُطلقوا لانهم حزب الله؟ هل تعلم ان “جماعتكم” كجماعة “أمل” استفادوا من التوظيف في الدولة ومن مجلس الجنوب بالتكافل والتضامن، “رغم ان الصيط للحركة”؟ مئات الامثال بل الالاف منها، فهل حققتم يوما بواحدة منها؟
-السماح لوسائل الاعلام بالدخول الى منطقة الجناح. وهنا نسأل هل الجناح منطقة خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية ام لا؟ وبأي حق وتحت عنوان اي ديمقراطية تقتطعون مساحات لدويلتكم؟ هل هكذا هي الامور في سوريا وايران؟ قد لا يكون “الحق عليكم” انما على الدولة التي ارتضت ان يكون “حيطها واطي” و”ركبها بسكوا” امامكم، وانتم “راكبين عا كتافها ومدندلين اجريكم”.
وبعد، سارع الثنائي الوطني “هرولة”، مبشرا بإطلاق مفاوضات الترسيم تحت العصا الاميركية علهم يقبضون الثمن في الداخل اللبناني. امرا لن يتحقق بحسب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر الذي سارع الى التأكيد ان لا تفاوض مع حارة حريك وان العقوبات على حلفائها مستمرة.تماما كما رفع” السيد” السقف دون ان يغلق الباب امام المبادرة الفرنسية . فهل تغيرت قواعد التشكيل، التي ارساها الثنائي زمن كان شيعيا قبل ان يتحول وطنيا، لتصبح اعرافا سياسية بحكم امر واقع الترهيب والترغيب؟
قد تطول المدة قبل ان نحصل على الجواب…
ترى هل فهم الثنائي الرسالة؟ والاهم هل سيقلع ابواق الممانعة عن نظرياتهم الممجوجة؟
الايام القادمة ستعطي الاجابات وتبين ابيض الخيوط من اسودها.